فشل السعودية في اليمن إلى أين ؟(تحليل خاص)

02-03-2021 01:41:30    مشاهدات62


واي إن إن- تحليل: عمر جميل القباطي

ما إن أعلنت الولايات المتحدة التزامها بأمن السعودية ومواصلة مساعدتها في الحفاظ على أمنها حتى انهمرت الطائرات بلا طيار عليها بشكل غير مسبوق، فخلال الأسبوع الماضي وحدة تعرضت السعودية لأكبر حصيلة من الهجمات وصلت لـ 13 هجوما استهدفت مناطق عدة منها مطار أبها وخميس مشيط، وبداية الأسبوع الجاري تعرضت الرياض لهجوم عنيف بصاروخ باليستي وعدة طائرات بلا طيار، والغريب في الأمر أنها لم تتخذ أي إجراء للحد من هذه الهجمات بخلاف ما كانت تفعله في السابق من عمليات جوية تستهدف بعض المواقع والمناطق التي تقول أنها مخازن ومستودعات للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة بعد أن اتضح لها عدم جدوى تلك العمليات.

واكتفت وسائل الإعلام السعودية ومن يظهر فيها  باستجداء المجتمع الدولي لوقف هذه الهجمات معتبرين إياها هجمات إيرانية بأياد حوثية تهدف إلى التأثير على إمدادت النفط العالمي وزعزعة استقرار المنطقة في نبرة تشي بفشل السعودية وعجزها عن فعل شيء لحماية أمنها ومناطقها الحساسة.

وبالرجوع قليلا الورى سنرى أن هذا الفشل ليس وليد اللحظة بل هو مستمر منذ بداية الحرب؛ ففي البداية لم تكن هذه الضربات قوية وموجعة ولم تكن بتلك الكثافة مثل ما هي عليه الآن، غير أن السعودية غضت الطرف وعملت لصالح غيرها ولم تواصل هجماتها المكثفة ولم تعمل على توحيد الصفوف في الداخل اليمني، ولم تتغير سياستها إلى الآن وهذا ما نراه في دورها الضعيف في المعارك التي تشهدها مأرب هذه الأيام.

وأول هذه الهجمات كان بصاروخ باليستي قديم ومهترئ في حزيران/يونيو 2015 أي بعد ثلاثة أشهر فقط من بداية عمليات التحالف استهدف منطقة عسير، واستمرت الهجمات بعد ذلك مستهدفة الكثير من المناطق والأماكن الهامة أبرزها استهداف مدينتي الطائف وجدة عام 2016م، ثم استهداف الرياض لأول مرة في أيار/مايو عام 2017م وبعدها بستة أشهر وقع أحد أشهر الهجمات بصاروخ أُطلق باتجاه مطار الملك خالد في الرياض مما حدى بالسعودية إغلاق المنافذ كافة بينها وبين اليمن وشن ضربات موجعة استمرت لأسبوعين وهذا ما استغله حينها تجار الحرب من خلال افتعال الأزمات وزيادة أسعار السلع الأساسية والمشتقات النفطية، وفي آذار/مارس من العام 2018م استقبلت الرياض سبعة صواريخ دفعة واحدة.

وفي تطور ملموس دخلت الطائرات المسيرة على خط المعركة بجانب الصواريخ الباليستية بداية عام 2019م، ومنذ ذلك الحين وقعت مئات الهجمات على قواعد عسكرية ومطارات ومحطات وأنابيب نفط ومعامل لتكرير النفط منها الهجوم الذي وقع في أيار/مايو 2019م ضد خط أنابيب النفط بين الشرق والغرب، وهجوم في نوفمبر الفائت ضد محطة توزيع المنتجات البترولية في جدة، والهجمات المتعددة التي استهدفت مطار أبها الدولي مؤخرا.

وهذه الهجمات أضرت بسمعة السعودية كثيرا إذ باتت الدولة الوحيد في العالم الي تُقصف من قبل مليشيات مسلحة، وعاصمتها هي الوحيدة في العالم التي تتعرض للهجمات بشكل منتظم وكأنها أصبحت حقل تجارب.

والتذرع بأن إيران هي من تقف وراء ذلك لم يعد يصلح الآن، وهذا مؤشر على عجز السعودية مع التعامل مع مليشيا فكيف ستتعامل مع راعيتها، أم إن النتيجة ستكون على ما قاله ترامب بأن السعودية لن تصمد لأكثر من أسبوعين أمام إيران لو حدثت بينهما حرب حقيقية.

وكنتيجة لهذا الفشل تأثر الإقتصاد السعودي وتعرض لنكسات عدة ظهرت بوادره حينما قررت السلطات العام الماضي مضاعفة الضريبة المضافة ثلاث مرات من 5 في المئة إلى 15 في المئة وإيقاف صرف بدل غلاء المعيشة، وضاعفت الضريبة على الوافدين، وقررت بيع أسهم من أرامكو الشركة النفطية العملاقة.

ويقودنا هذا للتساؤل هل تملك السعودية جيشا؟ والجواب نعم تملك لكنه جيش يفتقر جنوده للمعنويات والتدريب وقادته ليس لديهم خبرة في المجال العسكري ويعتمد على مستشارين غربيين، ولم تنفعهم الأسلحة الضخمة والمتطورة والدقيقة من طائرات ومروحيات ورادارات وأنظمة دفاع جوي التي اشتروها بمبالغ خيالية من الدول الغربية، وهذا خلل بنيوي في نظام الحكم نفسه الذي يرتكز على جيوش الدول الأخرى وخبراتها من الشرق والغرب لدرجة أنهم لم يستطيعوا فعل شيء حينما هاجم جهيمان وجماعته الحرم المكي واستعانوا بقوات من مصر وفرنسا لإخراجه، وكذا لم يملكوا فعل شيء حينما هاجم الجيش العراقي الكويت وأوشكك على مهاجمتهم واستعانوا بالأمريكان للدفاع عنهم كما هو معلوم.

وربما من العوامل التي ساعدت على فشل السعودية في اليمن هي أنها مرتهنة لقرار الدول التي تسلحها وهي الدول ذاتها التي تتحكم في سوق النفط وترعى العائلة الحاكمة وترسم لها سياساتها، وإذا لم تتغير السياسة السعودية فإنهم لن يحققوا أهدافهم المعلنة في اليمن وسيبؤون بالهزيمة، وسينعكس الأمر عليهم وسينقلب ضدهم، وقد تبدأ معالم "خارطة الدم" بالإتضاح مع مرور الوقت وهي الخريطة التي نشرتها مجلة الجيش الأمريكي عام 2006م.

إعلان
تابعنا
ملفات