قراءة نقدية تذوقية لقصيدة (الأطلال): د/ إبراهيم ناجي[الجزء الخامس]

19-09-2020 09:49:21    مشاهدات631


واي إن إن - فاطمة عبداللطيف

الجدير بالذكر أن إبراهيم ناجي رائد من رواد جماعة أبولو التى ازدهر نشاطها بعد إنشائها عام 1932 والتي يتولى أمانتها الدكتور أحمد أبو شادي تلك الجماعة التي أسهمت بدور بارز في تطور الشعر الحديث وربطه بالوجدان الإنساني وأصبح لها طابعها المييز متمثلاً في شعر طائفة من شباب الشعراء كان ناجي ألمعهم شاعرية وأكثرهم أصالة عُرفوا بأصحاب الاتجاه الرومانتيكي الغنائي وكان من بينهم علي محمود طه والهمشري وحسن كامل الصيرفي وأحمد رامي والتيجاني يوسف بشير وغيرهم
يقول الشاعر:
ياحبيباً زرتُ يوماً أيكَه
طائرَ الشوقِ أُغني ألمي
لكَ إبطاءُ الدلالِ المنعمِ
وتجني القادرِ المحتكمِ
وحنيني لكَ يكوي أعظمي
والثواني جمراتٌ في دمي
وأنا مترقبٌ في موضعي
مرهفُ السمعِ لوقعِ القدمِ
ــــــــــــــــــ
قدمٌ تخطو ' وقلبي مشبهٌ
موجةً تخطو إلى شاطئها
أيها الظالمُ بالله إلى كم
اسفحُ الدمعَ على موطئها
رحمةٌ أنت فهل من رحمةٍ
لغريبِ الروحِ او ظامئها
ياشفاءَ الروحِ روحي تشتكي
ظلمَ آسيها إلى بارئها
ــــــــــــــــــــــــــــ
افتتح الشاعر هذه الأبيات بكلمات غاية في الرقة والشفافية والرهافة
(يا حبيبا) نداء غرضه الشكوى والعتاب واستخدام المنادى بصيغة النكرة غير المقصودة يوحي ببعد وسمو مؤلم وقد يكون هدفه الإبهام
(أيكة) استعارة تصريحية حيث شبه مكان الحبيبة بالشجرة الظليلة الملتفة وهي رمز للمكان الذي يظل العشاق وهو طائر الشوق الذي جاء يغني ألمه وهنا تشبيه بليغ فما أغرب هذا الغناء الذي يكون دافعه الألم اللذيذ
(لك إبطاء وتجني) البيت خبري غرضه عتاب المحبوبة فلها أن تبطئ في الحضور ولها أن تقسو وتتجبّر كما تشاء ولكنه لا يملك سوى أن يسرع لهذا اللقاء فحنينه لها يكوي عظامه وهنا استعارة مكنية حيث شبه الحنين بنار تحرقه
(الثواني جمرات) تشبيه بليغ يشبه مرور الوقت بدونها بالجمرات الملتهبة التي تمر ثقيلة على دمه والبت كناية عن شدة الأشواق والحنين وهو مترقب حضورها مرهف السمع لوقع خطواتها وهنا تشبيه بليغ أيضاً يبرز حالة قلق الانتظار وقلبه ينبض مثل الموجة التي تخطو نحو الشاطئ مع أي خطوة كانت تشي باقترابها وهنا تشبيه مرسل مجمل لذكر الأداة وحذف وجه الشبه لإبراز استمرار أشواقه التي لا تهدأ إلا بالوصول إليها كهدوء الموج عند الوصول للشاطئ
أيها الظالم نداء غرضه الاستعطاف حيث أظهر نفسه مظلوماً وحبيبه ظالماً لكنه لا يشكو ظلمه إلا إليه
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أسفح الدمع كناية عن غزارة الدموع لغياب المحبوب في موضع الذكريات وفي لفظة أسفح تورية
رحمة أنت تشبيه بليغ
هل من رحمة استفهام غرضه الرجاء
غريب الروح وظامئها تشبيهان بليغان يثيران الرحمة في قلب المحب لمن مسه الشوق وأضناه
يا شفاء الروح أسلوب نداء لإظهار الحب وإبداء تأثير المحبوب في نفسه حسيّاً ومعنويّاً
تشتكي ظلم آسيها يشبه المحبوب بالطبيب الذي يمنع علاجه لمريضه ورفع الشكوى إلى بارئ النفس ومنشئها والتذكير بالخالق ليثير الرحمة في قلب المحبوب لأن الخالق رحيم بعباده

نواصل في الجزء القادم
إعلان
تابعنا
ملفات