بعد رحيلِهــــــــا

18-10-2020 12:10:18    مشاهدات257


واي إن إن - شعر:فؤاد متاش

أنا جالسٌ ورفيقتي أحزاني
في الحُجرةِ الثلجيةِ الأركانِ

قد كان يُدفِئُها غرامٌ دافئٌ
هل للمكانِ مشاعرُ الإنسانِ ؟!

قد كان للأشياءِ معنىً عندنا
واليومَ ها هيَ ذي بغيرِ معاني

ومحبةُ الأشياءِ ليس لذاتِها
لكن بما تَعنيهِ في الوجدانِ

الحزنُ يَسجُنُني ويا لِلحزنِ من
سجنٍ رهيبٍ دونما قُضبانِ

يمضي الزمانُ ولم أغادر منزلي
حتى كأني خامسُ الجُدرانِ

وسألتُ نفسي هل تدورُ الأرضُ أم
كَفَّت لأحزاني عن الدورانِ ؟!

وهل الطيورُ تُرى تُواصِلُ شَدوَها
أم أنها ماتت على الأغصانِ ؟!

ما زلتُ منتظراً لها تأتي فلا
تأتي فيا لِلهِ ما أشقاني

وأُصفِّفُ الوردَ الكثيرَ لأجلِها
والوردَ أنضحُه بكلِّ مكانِ

وأَصُبُّ فنجانين أشربُ واحداً
والذكرياتُ تطوفُ حول الثاني

ويقولُ لي الفنجانُ : أين بنانُها ؟!
ماذا أجيبُ تساؤُلَ الفنجانِ ؟!

ما عُدتُ أنتظرُ الصباحَ فلم يَعُد
لي في الصباحِ بقيةٌ لأماني

انا سيدُ العشاقِ قبل رحيلِها
واليومَ ها أنا سيدُ الرهبانِ

أنا لا أصدِّقُ أنها ليست هنا
وأقولُ تلك وساوسُ الشيطانِ

مَن لي بعينيها اللتين أراهما
أحلى من الأنهارِ والخُلجانِ ؟!

أين ابتسامتُها التي كانت بها
تجتاحُني حتى يذوبَ كَياني ؟!

لم يبقَ إلا الذكرياتُ تزورُني
والذكرياتُ بَواعِثُ الأشجانِ

تلك الرُّبى ضَمَّت صدى ضحكاتِنا
ولسوف تحفظُها بكلِّ حنانِ

نجري ونلعبُ دونما تعبٍ ولا
ضجرٍ وخمسُ بنانِها ببناني

تجري فيلحقُها النسيمُ مُداعِباً
خُصلاتِها الذهبيةَ الألوانِ

أعطيتُ مَن رحلت حياتي كلَّها
وبنيتُ مسكنَها على أجفاني

ومضيتُ في تدليلِها وكأنها
طفلٌ وكان سريرُها أحضاني

وكتبتُ فيها رائعاتِ قصائدي
حتى تَسمَّى باسمِها ديواني

زمنٌ جميلٌ بعدما كان انقضى
ليت الزمانَ يعودُ بضعَ ثواني

الذكرياتُ الهائجاتُ تهيجُ في
نفسي فتفتحُ فُوهةَ البركانِ

أنا كلما حاولتُ إطفاءَ الهوى
أشعلتُ فيه كنافخِ النيرانِ

ليت الذي في القلبِ نمحوه كما
تُمحَى كتاباتٌ من الحِيطانِ

يا واهبَ الحبِ الجميلِ أريدُ أن
أنساهُ هَب لي نعمةَ النسيانِ
إعلان
تابعنا
ملفات