في باب اليمن رأيت رسول الله

04-07-2020 12:35:07    مشاهدات1075

جبران حيدرة

ما إن تطأ صنعاء القديمة وتستريح من شوارع الأسفلت التي تأكل النعال،ومن الشمس التي تلهبك جلداتها التي تنفذ تحت الملابس.

أرى باب اليمن كشيخٍ جاثٍ على ركبتيه،يحاول الاحتفاظ بما تبقي لديه من بيوت، قبل أن تندثر أو تغزوها ترسانة الأسمنت والفولاذ.

تَقْلِبُ حجرًا في صنعاء القديمة فترى تأريخ بضعة عصور..!!
تضع أذنك على الجدار فتسمع مطرقة سام بن نوح عليه السلام يبني قصر غمدان، تسمع وخي صوت المشي الإبل في تجارات المر والبخور والبهارات،وسحق حبوب البن الفاخر،وصليل سيوف الأحباش، وصوت إبرهة ذي الشفه المشقوقة وهو يعوي من الذي تبرز في كنيستي؟؟
القليس.
لأهد من الكعبة.

وتسمع أذان الجامع الكبير، ومعاصر الخمر والترتر والجلجل، وصوت قيود لفقير معدم امتنع عن أداء الزكاة للإمامة،وطلقات الثوار الجمهوريين وتسمع وتسمع.

تخرج من هذا الخيال المثير ، لتقترب من أكوام المشاقر والشذاب والنباتات العطرية، تراقب الباعة والمشترين بصمت ذاك يقول صلاة الله على الرسول بكم ذا ؟
وتلك شمها حالي يرد الروح اللهم صل وسلم على النبي.
وذاك شُمي يا حجة وصلي على النبي وآله وهكذا كثيييرون.


والله إنك تتأثر تأثرًا عظيما،
تأثرًا لاتستطيع فعله بك مدائح البوصيري ومن عارضه ، أو شطحات أزلية النور المحمدي للحلاج ومن تابعه ، أو غنائيات الموالد، أو رقصات الدراويش !

ما أجملها حينما تخرج من أفواه هؤلاء البسطاء المساكين.
ما أجمل ربطهم لكل جميل برسول الله!!

ما أجملهم يعطرون الأسماع بالصلاة عليه كما يعطرون الأجواء بالروائح العابقة.!

ما أجمل الذكرى النبوية حينما تنام في عيونهم لتستيقظ على كل ماهو جمال. !


ما أجمل التدين الفطري المحمدي حينما يأتي في ظل السأم من اليوم ،واليأس من الغد..!!

ما أجمل التدين الفطري حينما يشق طغيان المادة، ومقاييس الدرهم والدينار!!

ما أجملهم يوجزون تجارتهم بكسب الصلاة على الرسول لتضاف إلى أرباحهم في بنك الرحمن.!

ليسوا بأولئك الذين يصلون عليه ثم تكون هذه الكلمة ممهدة لألف باطل وجريمة..!

ليسوا بأولئك الذين يلقفون من سيرته مواقفًا ليجعلوها ترويضًا للجوعى ، ومصيدة للأثرياء ،وكهانة ذات سيولة.!

ليسوا بأولئك الذين يكذبون على سيرته فيتخذونها مبردًا لسكاكينهم ،ومواسمًا تصب لعنات السماء ،وصورًا متحركة لأعواد المشانق..!

هؤلاء لم يعرفوا محمدا وأولئك البسطاء والله عرفوه.

لايستوون !
لايستوي من نبيه جنكيز خان أو قارون ، ومن نبيه محمد الذي يكاد يتلف يبخع ( فلعلك باخع ) لموت إنسان كافرا.

لايستوي من يفعل المأساة فيخرج من أقبيتها راية محمد رسول الله السوداء، ومن يرى من رسول الله جوهرة على تاج الإنسانية، ومتجرا لورود السلام، ووعدا مأمولا لكل الناس بالأمن والأمل والحقوق.

غرقت في خيالي هؤلاء الفقراء هم أصدقاء الأنبياء ، هم الذي امتد بهم سلطان محمد حتى اكتنف العالم فكيف لو رأهم نبي المساكين محمد لتبسم واستبشر وعانقهم وربّت على أكتافهم ودعا لهم اللهم صب عليهم الخير صبا.
لذلك رأيت رسول الله في باب اليمن
لكن وماذا بعد ؟
يتبع
إعلان
تابعنا
ملفات