قصيدة المليون ريال

17-01-2021 07:14:56    مشاهدات775


واي إن إن - شعر : هشام باشا

بوسعِ أيّ جبانٍ أنْ يقولَ: أَجَلْ
ردًا على هَمْسِهِ: "هلْ مَن مَبارزَ" هَلْ…

وحينَ لا بَطَلٌ تُخْشى بسَالتُهُ
بوسعِهِ كُلّ نَذْلٍ أنْ يَصيرَ بَطَلْ

ورُبّما يَجِدُ التّأريخُ في امْرأةٍ
-إنْ لَم يَجِدْ رَجُلًا في الألْفِ- ألْفَ رَجُلْ

وحيثُ لا شيءَ إلّا ضاربٌ وعَصا
لا يُمْكِنُ الحِقْدُ إلّا أنْ يَكُونَ قُبَلْ

لا يَرْقُدُ الشَّرُ، لولا مَن يُزَلْزِلُهُ
إذا تَنَحْنَحَ مِن حَلْقِ الدّجى وسَعَلْ

لطالما سجَدَ العاصي لقاهِرِهِ
وأظْهَرَ الوَقِحُ المسْجونُ وَجْهَ خَجَلْ

وطالما سالَ صَلْبٌ لا يَسيلُ إذا
رأى الحَريقَ وَشِيكًا، والقَضاءَ نَزَلْ

وجاء يَجْري بلا نَعْلَيْهِ أكثَرُ مَن
كُنا نَرى فيهِ قَبْلَ النّازلاتِ جَبَلْ

والبأسُ ليسَ بمَن رغْمَ الجَميعِ حَكى
وإنّما في الذي رغْمَ الجَميعِ فَعَلْ

والمُلْكُ ليسّ لمَن يسعى لهُ وإذا
تَخَيّلَ الموتَ في نِصْفِ الطّريقِ عَدَلْ

لا شَكَّ أنّ طريقَ النّصرِ مُظْلِمةٌ
لكِنّ مَن حَمَلَ السّيفَ المُضيءَ وَصَلْ

وخاسِرٌ كُلّ جيشٍ ليس قائدُهُ
جَيْشَينِ، جيشَ نزالاتٍ، وجيشَ حِيَلْ

والبَذْلُ بَوّابةُ النّصرِ المُبينِ بهِ
وكُلّ مَن جاء مِن بابِ العَطاءِ دَخَلْ

والمَالُ ليس بمُعْطٍ نَصْرَ مالكِهِ
ما لَم يكُنْ كُلّما جاء الرّجالُ بَذَلْ

لا خيرَ في الخَيرِ ما لَم تَسْتَطعْ يدُهُ
بهِ صِناعةَ إحسانٍ، ودَرْءَ زَلَلْ

مهما تَكُنْ آلةُ الإصلاحِ صالحةً
ورَبُّها خَلَلٌ نَجْواهُ، فهْيَ خَلَلْ

والشّهْدُ في غير راحاتِ الغِنا عَسَلٌ
لكنّهُ عَسَلٌ في كَفّ غيرِ عَسَلْ

وكالنّدى كَلِماتُ المُفْعَمينَ دِوا
وكالجَفافِ كلامُ المُفْعَمينَ عِلَلْ

فطالما فَرْدَسَتْ صحراءَنا جُمَلٌ
وطالما صَحّرَتْ فِينا الجِنانَ جُمَلْ

والنّاظرونَ بلا حُبٍّ إلى غَدِهمْ
مَوْتى، ولكِنّهم مَوْتى بغيرِ أَجَلْ

فدائمًا ما يظَلُّ القبْرُ داخِلَهُم
مَن لا يَروْنَ إلى الدّنيا بعينِ أَمَلْ

ودائمًا ما تَعيشُ الشّمْسُ في دَمِهِ
مَن ليس يَفْشلُ قَلْبًا عندَ أيّ فَشَلْ

وكالذي ليسَ إلّا القَتْلُ مِهْنَتُهُ
في النّاسِ، ذاكَ الذي يَحيا بغيرِ عَمَلْ

فالعاطلونَ، وإنْ كانوا ملائكةً
هُمْ في البلادِ وفي جِسْمِ الحَياةِ شَلَلْ

وما أمَرّ مِن الدّنيا إذا هِيَ "لا"
وما ألَذّ مِن الدّنيا إذا هِيَ "بَلْ"

والوَقتُ أطولُ شيءٍ في عيونِ "مَتَى"
واليَأسُ آكِلُنا لولا "عَسى" و"لَعَلْ"

والأرضُ أضَيْقُ مِن عينِ الذّبابِ على
ذاكَ الذي لا يرى إلّا إليهِ سُبُلْ

والعَيْشُ ما هُوَ إلّا الانْتقالُ إلى
هذا وذاكَ وإلّا فالحياةُ مَلَلْ

والانْتِظارُ لمَن وَلَّى وظَلَّ بِنا
لا الانْتِظارُ لمَن قَبْلَ الرّحيلِ رَحَلْ

لَم يَمْضِ مَن ذَهَبوا كَرْهًا، ولا رحلوا
مَضى الذينَ امْتَطَوا يومَ الوداعِ عَجَلْ

وغابَ مَن تَرَكوا أحبابَهُمْ ونَسَوا
وليسَ مَن غابَ عن أحبابِهِ وسَأْلْ

يا أنتَ إنّكَ شَيْءٌ في يَدَيْكَ، فكُنْ
شَيئًا يُفيدكَ، أو خَطْبًا عليكَ جَلَلْ

بوسعِكَ العَيشُ طَيْرًا في السّماءِ كما
بوسعِكَ العَيشُ مَرْبوطًا بساقِ "هُبَلْ"
إعلان
تابعنا
ملفات