مقاطعة إسرائيل توجع الداعمين... خسائر بالمليارات للعلامات الأميركية

10-12-2023 09:47:04    مشاهدات218

واي إن إن - متابعات

تتكشف يوماً تلو الآخر خسائر الشركات التي تعرضت لحملة مقاطعة إسرائيل بفعل دعمها أو وقوف دولها بجانب العدوان الوحشي على غزة، لتبدو هذه الخسائر الأكثر إيلاماً.
جاءت البيانات المالية الصادرة عن العديد من الشركات الأميركية والغربية التي تعرضت للمقاطعة بفعل دعمها المباشر أو وقوف دولها بجانب إسرائيل في عدوانها الوحشي على قطاع غزة، لتكشف عمق الأضرار التي تتعرض لها تلك الشركات، إذ وصلت في إحداها فقط إلى تبخر نحو 12 مليار دولار من قيمة أسهمها في 20 يوماً ما يعكس عمق أزمتها وهروب المستثمرين منها في ظل انهيار إيراداتها.
وتصاعدت حملات مقاطعة إسرائيل في مختلف الدول العربية والإسلامية وكذلك في الكثير من الدول الغربية التي تشهد حضوراً للجاليات العربية، حيث اشتدت جذوة هذه الحملات بعد استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الإجرامي على غزة في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، عقب أيام معدودة من الهدنة.
وانتشرت مقاطع لفروع سلاسل تجارية وأغذية ومقاه أميركية تحديداً، فارغة من الزبائن، منها "ستاربكس" و"ماكدونالدز"، و"كنتاكي" و"إتش آند إم". ونهاية الأسبوع الماضي، كشفت "ستاربكس" عن تكبد أسهمها سلسلة قياسية من الخسائر مع تزايد مخاوف مستثمريها من تزايد حدة التراجع التي أصابت مبيعات شركة القهوة العملاقة.
وخلال 20 يوما تلاشى نحو عُشر القيمة السوقية للشركة بما يعادل 12 مليار دولار تقريباً، بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية. كذلك أشارت بيانات المبيعات إلى تباطؤ لافت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بينما كانت قد حققت نمواً قوياً في المبيعات بنسبة 8% في الربع المالي الأخير لها، حسب مذكرة لبنك "جيه بي مورغان" الأميركي.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أبدت ستاربكس تأييداً للاحتلال الإسرائيلي، ورفعت إدارة الشركة دعوى قضائية ضد نقابة العاملين بها، والتي تحمل اسم "اتحاد عمال ستاربكس"، متعللة باستخدامهم غير السليم للعلامة التجارية للشركة، في أعقاب نشر النقابة منشوراً مؤيداً لفلسطين.
وبحسب تقرير نشرته مجلة "نيوزويك" الأميركية في السادس من الشهر الجاري، فإن تيار "السخط العام" في العالم العربي، يشير إلى أن فروع الشركات الأميركية والغربية ستواجه تحدياً كبيراً خلال الفترة المقبلة.
وكانت سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" الأكثر استهدافا بحملة مقاطعة إسرائيل في العالم العربي، بحسب وكالة رويترز، وذلك بعد إعلان "ماكدونالدز الأم" تقديم طرود غذائية ووجبات مجانية لجنود الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب شركة ستاربكس التي هاجمت نقابة عمالها، في بيان، على خلفية نشرها بيانا تضامنيا مع فلسطين.
ونقلت الوكالة عن مصادر بمكاتب ماكدونالدز الرئيسية في مصر أن مبيعات الفرع المصري في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين انخفضت بنسبة 70% على الأقل مقارنة بنفس الشهرين من العام الماضي 2022.
وفي منطقة الخليج، دفعت الاستجابة لحملة مقاطعة إسرائيل في الكويت وقطر وعمان، "ماكدونالدز العالمية"، ووكلاءها إلى إصدار بيان، في مطلع الشهر الماضي، ينفي دعم سلسلة المطاعم الشهيرة أي "طرف من الصراع الدائر حالياً في الشرق الأوسط".
ومن المنتظر أن تكشف السلسلة العالمية عن أرباحها الفصلية الشهر الجاري، في تقرير من شأنه الكشف عن حجم المبيعات ومدى تأثره بدعوات المقاطعة.
ويقول الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن الشركات المستهدفة بالمقاطعة ستتكبد خسائر فادحة عربياً، لا سيما في دول الخليج التي تحظى بإنفاق مرتفع. ويلفت إسماعيل، في هذا الصدد، إلى مشكلة تتعلق بفروع الشركات المستهدفة بالمقاطعة في المنطقة العربية والخليج، إذ تتم إدارتها من قبل رجال أعمال محليين يمتلكون حق التشغيل أو شركات محلية تعمل تحت نظام "حق الامتياز التجاري"، ويدفعون نسبة من الأرباح للشركة الأم في الولايات المتحدة، ما يعني أن الخسائر ستشمل قطاعاً من الاقتصاد الوطني أيضاً.
ومع ذلك فإمكان إنشاء بدائل لشركات الامتياز وللعمالة الوطنية بها أمر قائم، بحسب إسماعيل، الذي يؤكد أن "الرسالة من المستهلكين العرب واضحة، وهي رفض الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل وحربها على غزة".
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي، حسام عايش، أن الاستجابة للمقاطعة تؤشر إلى التصاعد الكبير في الحس الشعبي الرافض لحملة الإبادة الجماعية التي تجري في غزة، والتي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، بما في ذلك جرائم النازيين، لافتا إلى أن هذه المقاطعة تأتي كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، لا سيما في ظل حالة العجز الرسمي للدول.
وعن تأثير هذه المقاومة، يقول عايش إن التراجع ملحوظ في عائدات فروع الشركات الداعمة لإسرائيل، وعلى رأسها ستاربكس وماكدونالدز، مشيراً إلى أن نسبة هذا التراجع وصلت إلى 90% في بعض الدول، ما كان له الأثر البالغ في انخفاض القيمة السوقية لهذه الشركات.
فالمقاطعة نشرت حالة من "عدم اليقين" بشأن مستقبل فروع هذه الشركات، خاصة في المنطقة العربية، ومنها دول الخليج، وهي الحالة التي تتسبب في تراجع بقيمة الشركات، لكن استمرار هذا التراجع يرتبط باستمرار المقاطعة لفترة تتراوح بين 6 أشهر إلى عام، لتقييم النتائج المالية الحقيقية المترتبة عليها، سواء كانت مرتبطة بالقيمة السوقية أو أسعار الأسهم أو بالأرباح أو الفروع، بحسب عايش.
وفي حال استمرار المقاطعة لعام كامل، يتوقع عايش "انهيارات" لفروع الشركات المستهدفة، لافتا إلى أن سلاسل مثل "ماكدونالدز" تمثل "مؤسسة عقارية" وليس فقط مجرد مطاعم، ما يعني أن مقاطعته من شأنها تكبيد السلسلة خسائر كبيرة على مستوى الإيجارات أيضا، وليس العائدات فقط.
ويعزز من احتمال هذه الخسائر، بحسب عايش، أن فئة الجمهور التي تستهدفها حملات المقاطعة، من العرب والمسلمين، تمثل نحو ربع سكان العالم، وبالنتيجة فهي تمثل رادعاً لباقي الشركات الأجنبية، التي ستفكر كثيرا قبل دعم إسرائيل، في ظل مؤشرات الاستجابة الواسعة للمقاطعة.
ولم تنحسر الآلام التي سببتها المقاطعة في أنشطة المطاعم والمقاهي وإنما علامات تجارية شهيرة في مجال الملابس، منها "إتش آند إم" التي أشارت وسائل إعلام مغربية خلال الأيام الماضية إلى اعتزامها الإغلاق، لتتصدر المشهد بجانب "ستاربكس" في هذا البلد .
واضطر ذلك مجموعة "الشايع" الكويتية التي تدير العلامتين في إطار اتفاقية امتياز حصري، بالإضافة إلى علامات أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى التأكيد على بقائهما في المغرب، بل إن تلك المجموعة شددت على المضي في تشغيل جميع مقاهي ستاربكس في المغرب.
وتتوفر ستاربكس، حسب موقعها الرسمي، على ثمانية عشر مقهى في المغرب، حيث تتمركز في خمس مدن كبرى، متمثلة في الدار البيضاء ومراكش وطنجة والرباط والقنيطرة. وسعت ستاربكس إلى توضيح طبيعة علاقتها مع إسرائيل، حيث أوضحت، عبر موقعها الرسمي، أنها حلت شراكتها في إسرائيل قبل عشرين عاما بسبب "التحديات التشغيلية" التي تقول إنها واجهتها.
غير أن ذلك لم يخف تراجع نشاط تلك المقاهي في الفترة الأخيرة. وهو ما تجلى في المدن الكبيرة مثل الدار البيضاء، حيث اعتاد شباب وأسر من الطبقة المتوسطة ارتياد تلك المقاهي. ويؤكد نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم في المغرب، تأثر نشاط العلامة الأميركية بتداعيات المقاطعة التي تستهدف أيضا علامات أجنبية أخرى.
ويشير إلى تزايد حدة التأثيرات، حيث جاءت المقاطعة بالتزامن مع التضخم، إذ أثر تراجع القدرة الشرائية للأسر على الطلب الموجه للفاعلين في قطاع المقاهي والمطاعم بعد انتعاش طفيف لوحظ إثر الأزمة الصحية.
ويتجلى أن مطاعم الوجبات السريعة ماكدونالدز، لم تتعاف من حملة المقاطعة، رغم محاولة الفرع المغربي النأي بنفسه عن الفرع الإسرائيلي الذي قدم وجبات مجانية للجيش الإسرائيلي. وعمد الفرع المغربي الذي ينشط في المملكة منذ أكثر من ثلاثين عاما إلى حملة تواصلية سعى من ورائها إلى التأكيد على أنها شركة مغربية برأسمال محلي، وتوفر المئات من فرص العمل مباشرة وغير مباشرة.
ولم يعلن عن حجم الخسائر التي تكبدتها المطاعم السبعون لفروع "ماكدونالدز" في ظل حملة المقاطعة. ويؤكد دعاة المقاطعة في الوقت الحالي على أنه يجب أن تكون مركزة، تستهدف شركات تجارية بعينها من أجل تحقيق الأثر الملموس المتوخى، كما في حالة ماكدونالدز وكارفور، حيث توجيه الحملة نحو شركة لا تحضر بشكل يومي في حياة الناس لن تكون له نتائج آنية.
ولعل طول أمد العدوان الإسرائيلي على غزة هذه المرة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، قد يساهمان في ترسيخ المقاطعة وتغيير خريطة الأسواق في المنطقة. ودعت حركة مقاطعة إسرائيل "BDS" أخيراً إلى تكثيف وتصعيد جهود المقاطعة، مشيرة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني إلى ضرورة "التعطيل السلمي المدروس لنظام الهيمنة الغربية الذي يسلّح ويموّل ويحمي العدو الإسرائيلي من المساءلة".
ودعت إلى تركز المقاطعة على بضع شركات تعتبرها الأكثر دعما لدولة الاحتلال "لمضاعفة الأثر"، منها
"بوما" للملابس والأحذية الرياضية، وسلسلة متاجر "كارفور"، وشركة "أكسا" الفرنسية العاملة في قطاع التأمين التي تستثمر في مؤسسات مالية إسرائيلية منها بنك "لئومي"، وشركة HP، وعلامة "Ahava" لمستحضرات التجميل، و"صودا ستريم" للمشروبات الغازية.

إعلان
تابعنا
ملفات