إفلاس الحكومة وثراء مليشيا الحوثي: أبرز التطورات الاقتصادية في اليمن خلال 2023 (تقرير )

31-12-2023 08:22:03    مشاهدات192

واي إن إن - يمن شباب نت

كانت سنة 2023 هي الأسوأ على الحكومة اليمنية الشرعية، من حيث فقدان الموارد الاقتصادية التي تمكنها من البقاء مثل الإيرادات النفطية والغازية أو من حيث الموارد الضريبية والجمركية.
وقد يؤدي استمرار فقدان تلك الموارد إلى انهيار الحكومة عام 2024، رغم كل التقدم بالمفاوضات التي أعلن عنها المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانز غروندبيرغ مؤخرا.
فقدان الموارد النفطية :
في 2022 ربحت الحكومة ما يقارب مليار و400 مليون دولار، من صادرات النفط المحدودة عبر مينائي الضبة في حضرموت، وميناء النشيمة في شبوة، مستفيدة من أسعار النفط في ذلك الوقت.
لكنها خسرت تلك الموارد بنسبة 100% بعد سلسلة هجمات حوثية على موانئ التصدير وتدمير منصة التصدير الرئيسية في نوفمبر 2022. كان الصادرات النفطية تشكل النسبة الأكبر من موازنة الحكومة، وتزيد عن 60%.
من الصعب العودة إلى تصدير النفط حتى في ظل اتفاق تقاسم لعائداته، لأن الحوثي سيكون له نصيب كبير من تلك العائدات وفق مؤشرات الاتفاق المتوقع، ولكن لأن تكاليف الإصلاح تكلف مئات ملايين الدولارات، وفق تقرير خبراء العقوبات الدولية الأخير الذي قدرها ب800 مليون دولار، بعد الضربة الحوثية على ميناء التصدير الرئيسي في الضبة بحضرموت.
الإيرادات الضريبية والجمركية :
أدت هدنة 2022 إلى فقدان الحكومة الإيرادات الضريبية على السفن النفطية المتوجهة إلى موانئ الحديدة وأدى إلى خسارتها ما يقارب 350 مليار ريال خلال سنوات الهدنة في 2022 وفق تصريح محافظ البنك المركزي في عدن، وهي كانت تغطي نسبة كبيرة من التزامات الحكومة تجاه المرتبات، وتشكل نصف موازنة الحكومة للمرتبات البالغة أكثر من 800 مليار وفق تقرير البنك المركزي 2022.
في فبراير 2023 رفع التحالف معظم القيود على موانئ الحديدة، ضمن اتفاق مع الحوثي، استغله الحوثي بتحويل قسري لحركة السفن من جميع المنافذ البحرية والبرية اليمنية إلى موانئ الحديدة.
وأدى ذلك لفقدان الحكومة أكثر من 637 مليار ريال من الإيرادات الضريبية والجمركية وفق تقرير خبراء العقوبات وهو ما يشكل مع الخسائر النفطية قرابة نصف إيراداتها للسنة المالية 2022.
وفي مارس 2023 حظر الحوثي بيع الغاز المحلي القادم من شركة صافر بمأرب في مناطق سيطرته واتجه لتأسيس شركات غاز خاصة بديلا عنها للاستيراد من الخارج، أدى إلى خفض إنتاج صافر من الغاز المستهلك محليا إلى أقل من 50% وخسائر تقدر ب67 مليار ريال شهريا.
ولم تستغل الحكومة الفائض لديها بإنشاء مجمعات صناعية تعتمد على الغاز، أو تصديره إلى الخارج، وفشلت محاولاتها تصديره وفق تصريحات حوثية لم تؤكدها الحكومة ولم تنفها.
كما لم تتقدم المحاولات الحكومية لتنمية إيراداتها من الضرائب والخدمات على الإطلاق، وقد فشلت كليا منذ سنوات في السيطرة على قطاع الاتصالات، ومازال قطاع الاتصالات أكبر الموارد الاقتصادية في البلاد دفعا للضرائب في يد مليشيا الحوثي، واستولى فعليا على معظم الشركات الحكومية والخاصة بما فيها سبأفون ويمن موبايل ويو وواي ويمن نت.
بالإضافة إلى ذلك سيطر الحوثي فعليا على أصول شركة عدن نت من الجيل الرابع وحولها لخدمة شركة يمن نت دون أن تفعل الحكومة شيئا سوى الاتفاق مؤخرا على بيع عدن نت لشركة إماراتية اعترض عليها مجلس النواب الموالي لها.
وأدت الهجمات الحوثية ومليشيات صومالية بتنسيق عال بينهما إلى رفع أسعار التأمين على الشحن إلى الموانئ اليمنية لارتفاع بنسبة تزيد عن 200% وفق مدير مؤسسة موانئ عدن في ديسمبر الجاري، بينما ارتفعت أسعار الشحن البحري إلى 12 ألف دولار تقريبا للحاوية 40 قدما إلى موانئ الحديدة، وقرابة 10 آلاف دولار إلى موانئ عدن.
وقالت الحكومة إن جهودها لخفض كلفة التأمين البحري مع النادي الدولي في بريطانيا بقيمة 50 مليون دولار تواجه صعوبات جديدة بعد الهجمات الحوثية والمليشيات الصومالية البحرية.
دفعت الحكومة ترليونات الريالات بجانب المنحة النفطية السعودية للكهرباء، لكنها فعليا لعوامل الفساد وتقاسم السيطرة وإنشاء شركات نفطية جديدة والطاقة المشتراة إلى أن يكون إنتاج الكهرباء من المحطات العامة والمشتراة أقل من 200 ميجا بعد استبعاد الفاقد، حيث يتفاوت الفاقد في الكهرباء الحكومية المدعومة بين 45% في عدن و86% في مأرب.

التطور الاقتصادي الوحيد للحكومة هو إعلان الحكومة أنها نقلت آلية التفتيش على السفن المتوجهة إلى اليمن من موانئ جدة والموانئ الأخرى (دون تحديدها ودون ذكر تعليق آلية يونيفم في جيبوتي) إلى موانئ عدن فقط، ابتداء من يناير المقبل.
وتواصل المليشيا الحوثي السيطرة على إيرادات كبار مكلفي الضرائب في اليمن، وإيرادات المجال الجوي اليمني، وهما من أهم القطاعات التي تمول الحوثي بمئات ملايين الدولارات سنويا.
أدارت الحكومة التزاماتها الرئيسية في 2023 بمساعدة من السعودية والإمارات، وبالسحب على المكشوف، وتقليص الإنفاق على السلع والخدمات، وإصلاحات حكومية ومالية ضمن المنحة المالية السعودية بتحويل المرتبات إلى البنوك، وبتقليص خدمات الكهرباء، لكنها الآن تقترب كليا من الإفلاس.
وتقترب الحكومة من الإفلاس بعد تحول معظم إيراداتها إلى الحوثيين، بينما يجري التوافق على تقاسم إيرادات النفط والغاز بين الحكومة ومليشيات الحوثي.
ضرب الاقتصاد الوطني
كانت سنة 2023 الأسوأ على الاقتصاد الوطني في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية التي استغلتها بسلسلة من القرارات المدمرة وحرب التصفية على القطاع الخاص، وبناء شركات خاصة به.

في فبراير 2023: تحويل حركة السفن قسرا إلى موانئ الحديدة، بالقوة عبر شركات بعضها حوثية مثل شركة سبأ للملاحة. واحتكر قطاع النقل من موانئ الحديدة لصالح مؤسساته العسكرية عبر المؤسسة الاقتصادية.
في مارس 2023: استولى الحوثي رسميا على جميع أموال البنوك من ودائع استثمارية وصكوك وتعاملات تجارية، وحولها لصالح للاستثمار فيها، وتقدر بمليارات الدولارات.
أما في مايو: اقتحم الحوثي الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة وشن حربا ضروسا ضد القطاع الخاص، شمل اقتحام الشركات وإغلاقها، وخطف ملاكها، والاستيلاء على شركاتهم ومحاكمة مئات الشركات التجارية، بعناوين عدة أبرزها نيابة الصناعة، ونيابة الأوقاف، ونيابة الزكاة، وغيرها.
وفي يونيو: فرض جرعة سعرية جديدة على معظم الواردات والمنتجات المحلية لصالح سلسلة من الصناديق الحوثية التي يزيد عددها عن 50 صندوقا.
في أغسطس: فرض ضرائب جديدة بنسبة تقدر 200% على جميع الواردات التجارية، ورفع نسبة الجمارك على الواردات البرية بنسبة 100%. ورفع قيمة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 99%.
أكتوبر 2023: رفع نسبة الضرائب والجمارك على الضريبة العامة وضريبة الدخل، وضريبة الأرباح، وضريبة المبيعات على القطاعين الصناعي والتجاري بنسبة تصل إلى 20%.
وفي الشهر ذاته: انتزاع صلاحيات فرض الضرائب بقانون من مجلس النواب في صنعاء إلى قرار حكومي دون قانون يصدره مهدي المشاط، وسلسلة من الجرع على قطاعات الاتصالات والوقود والكهرباء الخاصة.
واختتمت مليشيات الحوثي حملتها، بقطع الطرق بين المحافظات الرئيسية في مناطق سيطرتها مع الحديدة، حيث قطعت خط صنعاء الحديدة، وحولتها إلى طريقين بديلين يمران عبر حجة وعبر ذمار، ثم قطعها عبر محافظة حجة، وقصرت الحركة على محافظة ذمار فقط.
وكل أمر اقتصادي خسرته الحكومة ربحه الحوثي بعدة أضعاف، لكنه لم يظهر على أي شكل من الخدمات الاقتصادية أو المرتبات، أو الخدمات العامة والخاصة، ولكن لتمويل الحرب، في ظل عجز حكومي عن الدفاع بقائها.

إعلان
تابعنا
ملفات