واي إن إن - العربي الجديد
لدى الطفلة اليمنية خولة (9 سنوات) إعاقة، وتعيش طريحة الفراش في منزلها بمنطقة صبر الموادم بريف تعز، حيث حرمتها الإعاقة من أبسط حقوقها، ومثلها الآلاف من الكبار والصغار في أنحاء اليمن. يقول والدها": "ولدت ابنتي بإعاقة في الأطراف السفلى من جسدها، وبسبب وضعنا المالي الصعب عجزت عن علاجها، فالأطباء قالوا إنها تحتاج إلى عدة عمليات جراحية، ولا يمكن إجراؤها في مستشفيات اليمن نتيجة تعقيدها. قمت بتسجيلها في أكثر من جمعية خاصة بالمعوقين، وهذه الجمعيات قدمت لنا وعوداً بالمساعدة، باستثناء جمعية خيرية قدمت لنا مساعدة مالية قدرها 20 ألف ريال (100 دولار تقريباً) وهذا المبلغ لا يكفي لأبسط احتياجاتها، لذا عجزت عن إلحاقها بالمدرسة، وهي حالياً لا تغادر البيت أبداً". ويعاني غالبية المعوقين صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية بسبب نقص التجهيزات والمرافق التي تناسبهم، كما يعانون التمييز والوصم، ما يؤثر على فرصهم في العمل والزواج والمشاركة الاجتماعية. وقد أدى الصراع القائم في اليمن إلى تفاقم الوضع الإنساني عامة، وسبَّب زيادة عدد الأشخاص ذوي الإعاقة، وتدهور الخدمات المقدمة لهم، كما أدى إلى صعوبة تنقل المعوقين، وتأثر البنية التحتية الخاصة بهم، ما فاقم حجم مشكلاتهم. ولا يتمتع الكثير من المعوقين بفرص للحصول على تعليم مناسب بسبب نقص المدارس المتخصصة، كما يواجهون صعوبات كبيرة في العثور على عمل، مع الافتقار إلى فرص التدريب والتأهيل، وفي حين كانت هناك نسبة من الوظائف الحكومية مخصصة لهذه الفئة، توقف التوظيف بسبب الحرب. وقبل اندلاع الحرب في عام 2015، كانت الميزانية المعتمدة لفئة المعوقين في الموازنة العامة للدولة تبلغ 52 مليار ريال سنوياً، وكان الدولار حينها يساوي 214 ريالاً، وكانت هناك إيرادات توفر الميزانية لهم، من بينها 5% من عائدات النفط. وعلى الرغم من هذه الإيرادات، كان المعوقون يشكون من عدم الحصول على حقوقهم، ويتهمون الجهات الحكومية بالاستحواذ على تلك المخصصات المالية. لدى إبراهيم علي (24 سنة) إعاقة في الأطراف العلوية والسفلية، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن يتعرضون لإهمال كبير من قبل الجهات الحكومية، والكثير منهم لا يحصلون على أي رعاية طبية أو مساعدات مادية، وهناك الكثير من الجمعيات والمنظمات الفاسدة التي تطلب منهم بيانات شخصية وتقارير طبية كي يعطوهم الدعم، ثم يتم سرقته من قبل هذه المنظمات والجمعيات، وهذا يدل على غياب الرقابة الحكومية". يضيف: "المعوقون يعانون غياب الرعاية الخاصة في المدارس والجامعات، والكثير منهم لم يحصلوا على فرصة الالتحاق بالمدرسة، كما يعانون عدم توفر الوظائف الحكومية رغم وجود كوادر من بينهم، فمنهم المهندس والمحاسب والمحامي وغيرها من التخصصات، ويجب على الجهات الحكومية تأمين احتياجات هذه الفئة من التعليم والعلاج والتأهيل، وتوفير فرص العمل لهم، إضافة إلى توفير سبل العيش الكريم". بدوره، يقول مدير صندوق رعاية وتأهيل المعوقين في تعز، صبري المعمري، لـ"العربي الجديد"، إن الصندوق يلعب دوراً حيوياً في توفير الرعاية والدعم اللازمين للأشخاص ذوي الإعاقة، ويهدف إلى تمكينهم من عيش حياة كريمة ومستقلة قدر الإمكان، وذلك من خلال تحسين نوعية حياتهم، وتمكينهم من المشاركة المجتمعية الفعالة، وضمان حصولهم على حقوقهم. يضيف المعمري: "أبرز الخدمات التي يقدمها الصندوق هي الرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية، وخدمات التعليم والتأهيل والدمج. لكن الحرب أدت إلى تدهور كبير في الخدمات، إذ تعرضت العديد من مراكز الصندوق ومرافقه للتدمير والاستهداف، ما أدى إلى نقص في الأدوات والمعدات الطبية اللازمة لتقديم الرعاية والتأهيل، كما عانى الصندوق نقصاً حادّاً في التمويل، مما أثر سلباً في قدرته على تغطية نفقات التشغيل والصيانة وتوفير الخدمات الأساسية". وأوضح أن "الحرب أدت إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص ذوي الإعاقة، سواء بسبب الإصابات المباشرة، أو بسبب تفاقم حالات إعاقة موجودة مسبقاً، ما زاد الضغط على موارد الصندوق المحدودة، كما أصبح من الصعب على كثير من الأشخاص ذوي الإعاقة الوصول إلى خدمات الصندوق، خاصة في المناطق النائية والمحاصرة". وكشف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن قرابة خمسة ملايين شخص في اليمن، أو ما نسبته 15% من السكان، لديهم شكل من أشكال الإعاقة بسبب الصراع المستمر في البلاد، وأكد التقرير أن التقديرات تشير إلى أنه من المرجح أن يكون الرقم الفعلي أعلى بكثير من الموثق، وذلك بسبب تداعيات الصراع، مثل انتشار الألغام الأرضية والمخلفات الحربية. ويشير التقرير الأممي إلى أن "الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون عوائق كبيرة تمنع إدماجهم، وتتفاقم هذه العوائق بسبب انهيار الدعم المجتمعي، والصعوبات الاقتصادية، ونقص الخدمات، وانتشار الوصم والعزلة الاجتماعية". وصادقت اليمن في عام 2008 على الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كما صدر في 1999 قانون بشأن رعاية المعوقين وتأهيلهم، وينص على أن يتمتع الأشخاص المعوقون بالحقوق نفسها التي يتمتع بها غيرهم، مع منحهم بعض الامتيازات في عدد من المجالات، بما فيها أحقية الوظيفة العامة.
عمر كوش
مصطفى البرغوثي
أسامة رشيد
مصطفى ناجي
عبد الرحمن الراشد