واي إن إن - متابعات
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعاد، تصنيف جماعة الحوثي في اليمن “منظمة إرهابية أجنبية”. وستفرض هذه الخطوة عقوبات اقتصادية أشد من تلك التي فرضتها إدارة بايدن على الجماعة المتحالفة مع إيران ردًا على هجماتها على الشحن التجاري في البحر الأحمر وضد السفن الحربية الأمريكية. يقول مؤيدو هذه الخطوة إنها خطوة متأخرة للغاية، على الرغم من أن بعض الخبراء يقولون إنها قد تكون لها آثار على أي شخص يُنظر إليه على أنه يساعد الحوثيين، بما في ذلك بعض منظمات الإغاثة. أكد البيت الأبيض في بيان إن “أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، وسلامة أقرب شركائنا الإقليميين، واستقرار التجارة البحرية العالمية”. ونفذ الحوثيون، الذين يسيطرون على معظم أنحاء اليمن، أكثر من 100 هجوم على السفن التي تبحر في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، قائلين إنهم يتصرفون تضامنا مع الفلسطينيين بشأن حرب إسرائيل ضد حماس في غزة. وأغرقوا سفينتين واستولوا على أخرى وقتلوا أربعة بحارة على الأقل. أدت الهجمات إلى تعطيل الشحن العالمي، مما أجبر الشركات على تغيير مسارها إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب أفريقيا لأكثر من عام. واستهدفت الجماعة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، اللذين يربطهما مضيق باب المندب الضيق، وهو نقطة عبور بين القرن الأفريقي والشرق الأوسط. وفي عهد إدارة بايدن، سعى الجيش الأميركي إلى اعتراض هجمات الحوثيين لحماية حركة المرور التجارية، وشن ضربات دورية لتقليص القدرات العسكرية للحوثيين. لكنه لم يستهدف قيادة الجماعة. في بداية ولايته الرئاسية في عام 2021، أسقط جو بايدن تصنيفات ترامب للإرهاب لمعالجة المخاوف الإنسانية داخل اليمن. وفي مواجهة هجمات البحر الأحمر، صنف بايدن العام 2024 الجماعة باعتبارها “منظمة إرهابية عالمية محددة بشكل خاص”. لكن إدارته امتنعت عن تطبيق تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية الأكثر صرامة. ترى منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية إن هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين اليمنيين، وتعطل الواردات الحيوية من الغذاء والدواء والوقود. وأوضح سكوت بول، مدير السلام والأمن في منظمة أوكسفام أميركا، في بيان: “إدارة ترامب تدرك هذه العواقب لكنها اختارت المضي قدمًا على أي حال، وستتحمل المسؤولية الذي سيتبع ذلك”. ويقول ديفيد شينكر، الذي كان مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترامب الأولى، إن الخطوة التي اتخذها ترامب كانت خطوة مبكرة واضحة للرد على ما وصفه بأنه إحدى القوى بالوكالة الرائدة لإيران في الشرق الأوسط. أضاف شينكر “بينما من غير المرجح أن يكون لإعادة التصنيف تأثير إيجابي على سلوك جماعة الحوثي، فإن الإجراء يشير إلى أن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى حث الإيرانيين على التفاوض من خلال الإقناع”. ذكرت إدارة ترامب إن الولايات المتحدة ستعمل مع الشركاء الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين، وحرمانهم من الموارد “وبالتالي إنهاء هجماتهم على الموظفين والمدنيين الأميركيين، والشركاء الأميركيين، والشحن البحري في البحر الأحمر”. وأفاد البيت الأبيض إن هذا التصنيف من شأنه أيضا أن يؤدي إلى مراجعة واسعة النطاق لشركاء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمقاولين العاملين في اليمن. أضاف البيت الأبيض إن “الرئيس سيوجه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بإنهاء علاقتها مع الكيانات التي دفعت أموالا للحوثيين، أو التي عارضت الجهود الدولية لمواجهة الحوثيين بينما غضت الطرف عن إرهاب الحوثيين وانتهاكاتهم”. أشار الحوثيون إلى أنهم قلصوا هجماتهم في البحر الأحمر في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار متعدد المراحل بين إسرائيل وحماس. كما أطلقت الجماعة سراح طاقم السفينة التجارية “جالاكسي ليدر” بعد أكثر من عام من استيلائها على سفينتهم التي ترفع علم جزر الباهاما قبالة الساحل اليمني. التهديد الإسرائيلي لجماعة الحوثي من المرجح أن ينمو في المستقبل يعتقد باحثون دوليون لـ VOA إن جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن تبدو في وضع جيد لحماية قادتها من الضربات الانتقامية التي هددت إسرائيل بشنها مؤخرًا. وتواجه إسرائيل أيضًا تحدياتها الخاصة في الانخراط المحتمل في استهداف قادة الحوثيين عن بعد، لكن هؤلاء الباحثين يقولون إن التهديد الإسرائيلي لجماعة الحوثي من المرجح أن ينمو في المستقبل. ونفذت إسرائيل خمس غارات جوية بعيدة المدى على البنية التحتية للحوثيين وأهداف أخرى في اليمن منذ يوليو 2024، رداً على إطلاق الحوثيين مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ في إطار حرب بالوكالة شنتها إيران ضد إسرائيل في أكتوبر 2023. واستخدمت جماعة الحوثي الصواريخ التي قدمتها إيران لمهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر. بعد أحدث غارة إسرائيلية في اليمن في العاشر من يناير 2025، أصدر وزير الدفاع يسرائيل كاتس تحذيرا مصورا لقادة الحوثيين، قائلا إن إسرائيل “ستطاردكم” – مكررا تهديده لقيادات الحوثيين. يقول وولف كريستيان بايس، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “لا أعتقد أن التهديدات الإسرائيلية غيرت سلوك قادة الحوثيين كثيراً”. وأضاف بايس “منذ عام 2015، خاض الحوثيون معارك ضد القوات السعودية والإماراتية التي حاولت استهداف قيادتهم، وهو ما جعلهم أكثر وعيا بالأمن. ونادرا ما التقى الحوثيون بزوار من الأمم المتحدة أو غيرهم من الأجانب شخصيا أو أجروا مقابلات مع الصحفيين”. ويرى إيلي كارمون، الباحث في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في إسرائيل، إن زعماء الحوثيين يبدو أنهم شددوا تلك الاحتياطات ردا على التطورات الأخيرة، بما في ذلك الضربات الخمس التي شنتها إسرائيل على اليمن، وعشرات الضربات التي تقودها الولايات المتحدة على أهداف للحوثيين في اليمن منذ يناير 2024، والهجمات الإسرائيلية على قادة وكلاء إيران في أماكن أخرى من المنطقة. وأشار كارمون إلى أنه بعد من الغارة الجوية الإسرائيلية الأولى في اليمن في 20 يوليو 2024، أقامت إيران، راعية الحوثيين، حفل تنصيب لرئيسها الجديد مسعود بزشكيان، ولم يسافر الحوثي إلى إيران لحضور الحفل. أما رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وهو زعيم آخر بالوكالة لإيران، فقد سافر إلى العاصمة الإيرانية لحضور حفل التنصيب، وتم اغتياله في قصف إسرائيلي” تعتقد أبريل لونجلي ألي، الباحثة في معهد السلام الأمريكي، إن الحوثيين من المرجح أن يكونوا متشككين في استخدام تكنولوجيا الإرسال. خاصة بعد أن استخدمت إسرائيل أجهزة الاتصالات لمهاجمة حزب الله في سبتمبر 2024، ففجرت أولاً آلاف أجهزة النداء المزورة ثم مئات أجهزة الاتصال اللاسلكية المزورة التي سلمتها سراً إلى الجماعة الإرهابية اللبنانية. وبعد الهجوم على جهاز النداء، اغتالت إسرائيل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية على معقله في جنوب بيروت، مما أعطى الحوثيين سببا إضافيا لتعزيز تأمين الجماعة للقيادات، وإلى جانب معقل الحوثيين في صعدة، يوجد للجماعة قيادة سياسية تدير سلطة غير معترف بها دوليا في صنعاء، تسمى المجلس السياسي الأعلى. تكتيكات الحوثيين لحماية قادتهم غير كافية يقول الباحثون إن الزعماء السياسيين والمتحدثين باسم جماعة الحوثي يظهرون بشكل منتظم في الأماكن العامة في صنعاء، ولكن عادة في أماكن يتواجد فيها العديد من المدنيين، مما يمنح هؤلاء المسؤولين درعا بشرية من الهجمات الجوية المحتملة. لكن الباحثين قالوا إن تكتيكات الحوثيين لحماية قادتهم من الهجوم لها عيوبها أيضًا. أوضحت لونجلي ألي: “إن القادة العسكريين الحوثيين سيكونون متشككين للغاية بشأن استخدام الهواتف، وهذا من المرجح أن يجعل من الصعب عليهم ويستغرق وقتا أطول لتبادل الرسائل بين صعدة وصنعاء”. وتقول آري هيستين، الباحث المقيم في إسرائيل في مشروع مكافحة التطرف، إن القادة العسكريين الحوثيين يخاطرون بفقدان أهميتهم في إدارة نظامهم إذا انقطعوا عن الاتصالات الإلكترونية لفترات طويلة، مضيفة: “إن إدارة دولة يبلغ عدد سكانها أكثر من 32 مليون نسمة تعاني من مشاكل خطيرة أمر صعب من العزلة في بيئة نائية”. الحوثيين أخطر بالنسبة لإسرائيل من حزب الله يرجح الباحثون إن ضرب قادة الحوثيين أصعب بالنسبة لإسرائيل من ضرب قادة حزب الله والجماعات التابعة لإيران الأخرى الموجودة بالقرب من حدودها لأن اليمن تبعد أكثر من 2000 كيلومتر. وتتطلب هذه المسافة عدة ساعات من الطيران للطائرات الحربية الإسرائيلية للوصول إلى أهدافها، مقابل دقائق لنفس الطائرات الحربية للوصول إلى الأراضي المجاورة. أضافوا إن إسرائيل تفتقر في اليمن إلى نفس النوع من مصادر الاستخبارات البشرية التي أنشأتها في لبنان والأراضي الفلسطينية قبل بدء الصراع الأخير، عندما كانت ترى أن اليمن يشكل تهديدا منخفضا نسبيا. ويقول كارمون، الباحث في مكافحة الإرهاب، إنه إذا صمد وقف إطلاق النار في غزة وامتنع الحوثيون عن إطلاق المزيد من القذائف على إسرائيل، فإنه يتوقع أن تركز إسرائيل على سد ما أسماه فجوة استخباراتية “ضخمة” في اليمن. وأضاف أن إسرائيل يمكن أن تستخدم الطائرات بدون طيار بعيدة المدى والأقمار الصناعية والموارد البشرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين للقيام بذلك. يضيف هيستين إن إسرائيل من المرجح أن تستخدم هجماتها المفاجئة في سبتمبر 2024 على حزب الله، والتي استغرقت سنوات في التخطيط لها، كنموذج للتعامل مع التهديدات من اليمن. واختتم هيستين قائلا: “إذا هدأ الحوثيون لفترة من الوقت، ففي المرة القادمة التي يبدأون فيها في التسبب بالمتاعب، وخاصة لإسرائيل والشحن الدولي، فمن المحتمل أن يكون لدى إسرائيل خطة للقضاء على قيادتهم”.
نقلاً عن : المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
طارق محمود
مصطفى ناجي
محمد ابو رمان
علي انوزلا
المهدي مبروك