لم يتغير بهم شيء

28-12-2020 12:10:49    مشاهدات224


واي إن إن - إبراهيم الحمزي

يا شباب منذو بدأت أذهب إلى الجامع وأنا طفلاً صغيراً مع والدي - شفاه الله - في نهاية كل خطبه ، كان الإمام ينهال بالدعاء على امريكا وإسرائيل واليهود ومن هاودهم والنصارى ومن ناصرهم ، كنت جاهلاً لا أفكر بطريقة عقلانية ، بل كانت العاطفة هي المسيطرة على كل المناحي الروحية ، كنت أخرج من الجامع وأعتقد بأن كل هولاء الذين تم ذكرهم في الدعاء قد خسفت بهم الأرض ، وتحولوا إلى رماد.

كبرت قليلاً ولم أسمع شيئاً عن هول المناظر التي كنت اتخيلهم عن دمار اليهود والنصارى والامريكان لأن إمام مسجدنا دعاء عليهم ، بل كنت أسمع من أبي بأن الإعصار ضرب منطقة من مناطق الكفار وهذا استجابة لدعوة الإمام ، ثم أدركت مؤخراً بأن الإعصار أتى نتيجة الأحوال الجوية لا غير.

كبرت وكنت أدعوا عليهم وهم يزدادون قوة وصلابة وإرادته ، ونحن نتراجع نحو الأسوأ والأسوأ ، وسألت نفسي ذات يوم : لماذا ندعوا عليهم ويزدادون قوة ونحن نزداد ضعف ودمار وتشتت وركود وتراجع ؟ وكانت الإجابة تأتي سريعاً لأننا قد تعلمت من إمام المسجد بأن القوم المؤمنين يمرون بامتحانات تثبت صدق إيمانهم ، ثم أدركت مؤخراً بأن تلك الإجابة هي إجابة الضعفاء الغير قادرين على التخلص من ضعفهم وتراجعهم وركودهم.

وهكذا ضليت أعتقد حتى بدأت أطلع وأقرأ ولكن في وقت متأخر ، تبين لي بأن القوم الكافرين الذين ندعوا عليهم هم من يمدونا بالحياة وكل ما نحتاج ، وأنهم رواد العلم وصانعي القلم الذي نكتب به خطبة الجمعة ونلقيها على الآخرين ، حتى وصل الحد بنا الى استيراد الغطاء الذي يستر عورتنا ، وكذلك أتضح لي بأننا ندعوا ثم ننام ، هكذا رُسم في عقليتنا التخلف ، الدعاء لن ينفعنا ، والله لن ينفعنا الدعاء ونحن نائمون ونقتل بعضنا بعضا ، قلت هكذا ذات مرة أمام أبي وشتمني بقوة ظناً منه بأني خرجت عن ملة الإسلام.

المهم يا إخواني ، الخطب في المنابر لن تجدي نفعاً ونحن نخرج من المسجد مشحونين بأفكار من القرون الماضية لن تجدي نفعاً في بناء المستقبل ، يجب أن يكون المسجد منطلق للتخلص من التخلف وزرع الوعي والفكر الملازمان للثورة العلمية والفكرية التي تؤدي إلى نهضة شاملة في المجتمع العربي.

ويجب علينا كذلك التعايش مع جميع الأمم مهما كانت ديانتهم ولغتهم وهويتهم وتاريخهم ولكن في حدود الحفاظ على القيم والمبادئ والأخلاق التي نستمدها من كتاب الله وسنة رسولة.

إعلان
تابعنا
ملفات