حراس الجمهورية..الحاضر الغائب في الحرب

12-03-2021 01:33:04    مشاهدات1012


عادل الشجاع

قال لي أحدهم إننا نسمع في هذه الأيام قعقعة السلاح فيما يغيب صوت سلاح حراس الجمهورية عن المعركة ، والحقيقة أن هناك تساؤلات من أغلب المهتمين بالحرب على الحوثي عن دور حراس الجمهورية في هذه الحرب ، ولماذا يبدو حضورهم متواضعا ؟

البعض يقول إن السبب يعود في ذلك إلى اتفاق ستوكهولم الذي قيدهم وحيدهم عن المعركة ، لكن البعض الآخر يرد ويقول إن أرض اليمن واسعة ، إذ يمكن إدارة المعركة من أي مكان وأن كل الطرق تؤدي إلى صنعاء .

وهناك من يعيد هذا الإشكال إلى الشرعية التي سارعت إلى تكبيل الحراس باتفاق الهدف منه إخراج هذه القوة من المعركة ، بعد أن كانوا قد حرروا أغلب مناطق الساحل الغربي وكادوا يصلون إلى ميناء الحديدة .

ولست بحاجة إلى القول إن القراءات تتعدد ، لكن الحقيقة تظل كامنة في أن الحوثي مازال يشكل تهديدا كبيرا واحترام الاتفاقيات معه يعد ضربا من السذاجة ، فهو قبل أن يكون متمردا على الدولة لا يحترم العهود والمواثيق والاتفاقات ومن ضمنها اتفاق ستوكهولم الذي خرقه آلاف المرات ، وما يبقي عليه هو التقسيمات السياسية والاجتماعية التي مازالت تعيق تشكيل إطار عمل وطني مشترك يوحد البلد ، إذ ما زالت المجموعات المتخاصمة تمارس الصراع فيما بينها .

كان الكثيرون يعتقدون أن الشرعية بعد الثاني من ديسمبر ستطوي الصفحة لنبدأ مرحلة جديدة ، وكان متوقع من السياسيين في هذه المرحلة الجديدة الاستقطاب ومعالجة الفساد المستشري في المناطق المحررة والمضي نحو استيعاب عناصر جديدة في إطار الشراكة الوطنية ، لكن ذلك لم يحصل إذ ظلت الشرعية تعمل على تدوير عناصر الفساد داخل مؤسساتها دون تغيير .

إضافة إلى ما سبق فقد عمل تحالف دعم الشرعية على تفكيك جبهة مواجهة الحوثيين إلى جبهات متعددة وبذلك غابت المؤسسات القابلة للاستمرار وظهرت سلطات متعددة حلت محل الدولة وخرجت كثير من المواقع عن نطاق نفوذ الحكومة وسيطرتها وتوزعت القوة بين المليشيات .

ونتيجة لانقسام تحالف دعم الشرعية ، فقد أدى ذلك إلى انقسام الشرعية ذاتها وتوزعت القوى بينها ، البعض يتبع الإمارات والآخر يتبع السعودية ، وعلى هذا الأساس كان حراس الجمهورية من نصيب الإمارات ، مما جعل المملكة العربية السعودية ترى أنه ليس من مصلحتها دعم حراس الجمهورية ، باعتباره قوة غير مواكبة سياسيا لها وأن أي انتصار يحققونه لن يكون بأي بأي حال في صالح المملكة .

صحيح أن المملكة لا تتبنى موقفا علنيا ضد حراس الجمهورية ، لكنه ليس سرا أنها لا تمتلك موقفا وديا تجاههم وتتحفظ على مشاركتهم في القتال ولذلك لم تمنع اتفاق ستوكهولم بالرغم من أنه مخالف للقرار الأممي 2216 , ومخالف للأهداف التي جاء تحت رايتها التحالف ، وقد فهم هذا الموقف لدى قطاعات يمنية واسعة بأنه يجسد موقف المملكة من حراس الجمهورية وربطهم بالمؤتمر الشعبي العام الذي يتوزع ولاءه بين الإمارات والحوثيين وجزء غير فاعل يتواجد داخل الشرعية ومحتكر الشراكة بأفراد معدودين .

وكانت النتيجة أنه تعمق الانقسام حول سبل مواجهة الحوثي وهذا يطرح بقوة السؤال : هل يمكن لليمنيين أن يواجهوا الحوثيين كيمنيين وتحت لواء الشرعية ، لا كإصلاح أو مؤتمر ؟ وهل يمكن لهذه المواجهة أن تصنع عقيدة عسكرية مستقلة كحق يمني يحدد العدو والصديق وفق ظروف البيئة اليمنية ، لا بناء على خيارات الآخرين ؟ لم تحسم بعد الإجابة على هذه الأسئلة ، وكلما تأخرت الإجابة ، كلما تأخرت هزيمة الحوثي .

أضحى من الأهمية بمكان أن ينضوي الجميع تحت لواء الشرعية ليقاتلوا في سبيل الوطن ، فلا يوجد طرف أكثر إخلاصا من غيره ، بل يوجد طرف تقف وراءه هوية مستقرة وغير خاضعة للتحدي ، وطرف يفتقر لتلك الهوية ، وإذا أردنا بناء جيش قوي علينا ألا نجعله موضوعا لصراع وتنافس الآخرين ، كما هو قائم اليوم ، حينها ستتجه معاركنا شمالا وسنحدد نحن زمان ومكان المعركة وليست عصابة الحوثي هي التي تفرض علينا زمان ومكان المعركة .
إعلان
تابعنا
ملفات