واي إن إن - وكالات
هرع سكان قطاع غزة بحثاً عن مكان آمن، اليوم الأربعاء، تزامناً مع قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية الأحياء بشكل متتال، في خطوة تبدو وكأنها تأتي تمهيداً لحرب برية تخطط لها إسرائيل. وفي تكتيك جديد تستخدمه طائرات الاحتلال، تطلب إسرائيل من المدنيين إخلاء حي تلو الآخر من أجل أن تلحق به الدمار، إذ طلب جيش الاحتلال من سكان حي الدرج، أمس الثلاثاء، إخلاءه، وسرعان ما هزت الحي انفجارات استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل. وقال جيش الاحتلال إنّ الطائرات المقاتلة حلقت عدة مرات فوق حي الفرقان، وقصفت 450 هدفاً خلال 24 ساعة. وبعد ساعات استهدفت الطائرات ميناء مدينة غزة، ما أدى لاشتعال النيران في قوارب صيد. يقول الصحافي الفلسطيني حسن جبار إنّه لم يعد "يوجد مكان آمن في غزة الآن. نرى كثيرين يقتلون كل يوم. أخشى على حياتي حقاً". وقال مسؤولو إنقاذ في غزة إنّ "أعداداً كبيرة" ما زالت محاصرة تحت أنقاض البنايات المدمرة مع عدم تمكن معدات الإنقاذ وسيارات الإسعاف من الوصول إلى المنطقة. حرب برية ويعتقد مراقبون ومحللون أن التكتيكات الإسرائيلية الجديدة تسير باتجاه هدف جديد، وهو التمهيد لحرب برية. ولم تنته أي من جولات القتال الأربع السابقة بين إسرائيل وحماس في الفترة بين عامي 2008 و2021 بهزيمة حركة حماس، التي واصلت سيطرتها على القطاع، لكن الحكومة الإسرائيلية تتعرض هذه المرة لضغوط مكثفة من مواطنيها للقضاء على الحركة، وهو الهدف الذي كان يعتبر بعيد المنال في الماضي، لأنه يتطلب إعادة احتلال قطاع غزة، على الأقل بشكل مؤقت. وقال النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل تشاك فريليتش إنّ "الهدف هو أن تنتهي هذه الحرب بشكل مختلف تماماً عن جميع الجولات السابقة. يجب أن يكون هناك نصر واضح. ينبغي القيام بكل ما يلزم لإحداث تغيير جذري للوضع الراهن"، في إشارة إلى إنهاء حكم حماس في غزة. كما أدى الدمار إلى تزايد التساؤلات حول استراتيجية حماس وأهدافها، والتي قال مسؤولوها إنهم خططوا لكل الاحتمالات، بما في ذلك التصعيد الإسرائيلي العقابي. وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد نقلت عن مسؤولين أميركيين مطلعين قولهم، الأحد، إنهم يتوقعون أن تبدأ إسرائيل حرباً برية على قطاع غزة، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات بين مقاومين وجيش الاحتلال في عدة نقاط خارج حدود القطاع. الإطاحة بحكم حماس في غزة؟ وتنوعت الخيارات التي تطرحها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منذ بدء الحرب الحالية على غزة، بين تشديد الحصار على القطاع، والتفاوض على الأسرى الإسرائيليين الذين أسرتهم الفصائل الفلسطينية، مروراً بعمليات قصف متواصلة تنهك البنية التحتية، ونهاية بشن عملية برية من شأنها أن تدمر القدرة العسكرية للحركة في غزة. في غضون ذلك، أشار محللون عسكريون إسرائيليون إلى أن الصدمة التي تلقتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعد العملية العسكرية التي قامت بها الفصائل الفلسطينية في مستوطنات "غلاف غزة"، ستدفعها إلى رسم تصورات مستقبلية بشأن استمرار حكم "حماس" في غزة. وخلال حديثه مع إذاعة إسرائيلية محلية، أشار رئيس برنامج دراسات الأمن القومي في جامعة حيفا، البروفيسور غابي بن دور، الاثنين، إلى أن إسرائيل لم تشهد مثل هذه الصدمة من قبل، وهو ما يدفع، بحسب المحلل الإسرائيلي، إلى تفكير الحكومة الإسرائيلية في الإطاحة بحكم حماس في قطاع غزة، باعتبار أن هذا هو الخيار الوحيد لوقف مثل هذه العمليات. وادعى بن دور أن السيناريوهات واضحة للغاية في ما يتعلق بهذا الشأن، قائلاً إنّه "في حال كنت تريد الإطاحة بحكم حماس فلا يمكنك سوى القيام بثلاثة أشياء، إما ترك المنطقة تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو أمر غير مرغوب فيه بالنسبة إلى إسرائيل، أو يمكنك جلب حكم عربي فلسطيني آخر لضبط الوضع في قطاع غزة، أما الخيار الثالث فيتجلى في نقل السيطرة إلى هيئة دولية". وأكد أن "هذه السيناريوهات بحاجة إلى دراسة مفصلة، لأنه لا يوجد أي خيار جيد ومفضل لدى إسرائيل"، مضيفاً: "لم يعد بإمكاننا العيش إلى جانب حركة حماس مع كل ما رأيناه الآن، يجب علينا اختيار الخيار الأقل ضرراً". من جهته، قال رئيس ومؤسس مجموعة "أوراسيا" للاستشارات السياسية، خلال حديثه مع شبكة "سي أن بي سي" الأميركية، إنّ هذا الهجوم الكبير والمباغت لحركة حماس جعل كل الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة إلى إسرائيل. وخلال حديثه عن خيار الإطاحة بحكم حماس في غزة، أوضح أن هذا الخيار "لن يكون مسألة أيام أو أسابيع، بل إنه قد يحتاج إلى أشهر أو ربما سنوات، وسيستمر هذا لفترة طويلة جداً". في السياق ذاته، أشار المعلق العسكري للشؤون العربية في القناة الإسرائيلية "12" تسفي يحزكالي إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية نسيت ما الذي تعنيه كلمة "نصر"، في إشارة إلى ضرورة استبدال الحكم السياسي في قطاع غزة. ولمّح المعلق العسكري إلى أنّ الإطاحة بحكم حماس يجب أن يكون ضمن خطط الحكومة الإسرائيلية، مضيفاً أن "هذا سيكون له ثمن، لكنه سيغير شكل المنطقة لصالح إسرائيل". وأضاف أن القادة الأمنيين الإسرائيليين تحدثوا حتى هذه اللحظة عن نتائج هذه الجولة، لكن ما يجب أن يتم النظر إليه هو النتائج المستقبلية لمثل هذه الحرب. وفي خضم المباحثات التي أجراها المسؤولون الإسرائيليون لتشكيل حكومة طوارئ لمواجهة حركة حماس، أعلن زعيم حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان أنه مستعد للانضمام إلى هذه الحكومة شرط أن يعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن هدف الحرب هو القضاء على حركة حماس وقادتها. وكتب ليبرمان، عبر حسابه على منصة "إكس"، أن "إسرائيل يجب أن تنتصر. وفي حال وقف رئيس الحكومة ووزير الأمن وقائد هيئة أركان الجيش أمام الكاميرات وأعلنوا لشعب إسرائيل أن الحكومة قررت القضاء على حركة حماس (...) وجميع قادة الإرهاب وأنها لن تكتفي بأقل من ذلك، فإنني سأنضم إلى حكومة طوارئ وطنية دون أي شرط". وبعد إعلان ليبرمان، أعرب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أنه يرحب بإعلان ليبرمان، وأضاف أن ما حصل أثبت أن إسرائيل لا تستطيع أن تتعايش مع وجود منظمة حركة حماس داخل حدودها.
مصطفى البرغوثي
أسامة رشيد
مصطفى ناجي
عبد الرحمن الراشد
عمر سمير