مخاوف إسرائيلية من اختفاء المحتجزين في غزة على طريقة الطيار رون أراد

18-10-2024 09:01:08    مشاهدات50

واي إن إن - وكالات

فاجأ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار دولة الاحتلال الإسرائيلي حتى في استشهاده، ومكان وجوده، وقتله قبل معرفة هويته، وعدم إحاطة نفسه بعدد من المحتجزين الإسرائيليين، ووجوده فوق الأرض لا في أنفاق تحتها، وغير ذلك مما حسبته إسرائيل ووجدت غيره. كما أحبط فعلياً الصورة التي بحثت عنها إسرائيل، باغتياله بعملية محكمة مبنية على معلومات استخبارية، تروّج بعدها لبطولاتها وقدراتها المخابراتية والعملياتية، على غرار اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وقادة آخرين في الحزب وفي حماس، إذ بدلاً من ذلك، جرى اغتياله عن طريق الصدفة.
ربما لم يخطط السنوار للاشتباك الأخير، وبالطبع ليس إسرائيل، لكن سعادة الاحتلال الغامرة كانت ممزوجة بمفاجأة غير متوقّعة، كما يبدو، من حيث التوقيت أيضاً، وأدخل أوساطاً إسرائيلية واسعة في حالة إرباك، بين من يعتبر قتل السنوار فرصة لإبرام صفقة وإنهاء الحرب، ومن يراه تعقيداً للمشهد، فضلاً عن ظهور مخاوف في المؤسسة الأمنية من اختفاء المحتجزين إلى الأبد، ما ينذر بعشرات الحالات من رون أراد، الطيار الإسرائيلي الذي اختفت آثاره منذ عام 1988 بعد أسره في لبنان.
ويفتح قتل السنوار صدفة الباب على أسئلة كثيرة بالنسبة لدولة الاحتلال، ليس فقط في قضية المحتجزين والعنوان الذي سيكون بعد السنوار في هذه المسألة، بل أيضاً حول نيات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الحقيقية وما يخطط له. وفي تعليقه على قتل السنوار، أشار نتنياهو إلى أن الحرب مستمرة، ما قد يتناقض مع ادعائه وضع قضية المحتجزين الـ101 في غزة في رأس سلم أولوياته. كما تتخوف أوساط إسرائيلية أن يخلف السنوار شقيقه محمد الذي تعتبره من منظورها أكثر تطرفاً. ووسط هذا، لا تخفي عائلات المحتجزين الإسرائيليين تخوفها من المرحلة المقبلة، وعلى مصير أبنائها.
في عددها اليوم الجمعة، أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى مخاوف مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي من أن يقود غياب قائد حماس، الذي "تمتع بكاريزما (حضور قوي)، إلى نوع من فقدان السيطرة داخل المنظمة (حماس)، أو أن تقرر المجموعات التي تحرس المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين) فعل ما يحلو لها وربما الانتقام من المختطفين".
ومصدر القلق الآخر هو "فقدان السيطرة على مصيرهم في المستقبل القريب جداً. ويجب تذكّر أن ليس كل المختطفين تحت سيطرة حماس، بل بعضهم في قبضة حركة الجهاد الإسلامي أو مع أطراف مختلفة. وعدم التوقيع الفوري على اتفاق وعدم دخول أي جهة لحكم غزة، حتى لو كان ذلك بشراكة حماس، قد ينتجان العشرات من رون أراد، الطيار الذي اختفى أيضاً أثناء صراعات على السيطرة بين جهات في لبنان".
لا إشارة من نتنياهو بخصوص المحتجزين
وكتب الصحافي المختص في شؤون الأمن القومي في الصحيفة نفسها رونين بيرغمان أنّ "زعيما جديداً في حماس، في الداخل أو في الخارج، لا يستطيع أن يوافق، بالتأكيد ليس في المرحلة الأولى، على أقل مما وافق عليه السنوار". ونقل عن مصدر أمني رفيع المستوى، لم يسمّه، قوله إنه رغم كل المخاوف، "هذه فرصة لا ينبغي تفويتها بأي شكل من الأشكال" من أجل إبرام صفقة، لأنّ البديل هو فقدان السيطرة... يجب على جميع العقول في دولة إسرائيل أن تفكّر في كيفية إجراء اتصالات الآن لتحريك صفقة، بحيث تتلقى حماس أيضاً دعوة للجلوس والتحدّث".
لكن المصدر الإسرائيلي نفسه لم يخف تخوّفه من أن "تفعل الحكومة الإسرائيلية العكس تماماً"، وأن تتشدد في مواقفها وأن يعقد نتنياهو مجرد مناقشات شكلية ليظهر كأنه مهتم بالقضية، لكنه يفشل فعلياً الصفقة ويختار مواصلة الحرب على غرار ما فعله طوال الفترة الماضية.
وذكرت وسائل إعلام عبرية، منها "يديعوت أحرونوت"، وجود تأييد واسع في قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء الحرب، في ضوء ما يعتبره "إنجازات"، خاصة بعد تمكّنه من قتل السنوار واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إذ تأخذ قيادة الجيش بعين الاعتبار أيضاً الثمن الباهظ الذي تجبيه الحرب من جيش الاحتلال بمقتل وجرح جنود يومياً، فضلاً عن أزمة الموارد التي يعاني منها واعتماده على إمدادات الأسلحة الأميركية.
في سياق متصل، كتب المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل أنّ الإعلان، أمس الخميس، عن مقتل خمسة جنود إسرائيليين في معارك جنوب لبنان هو تذكير بأنّ "الإنجاز في غزة لا يحلّ كل المشاكل". كما أشار الكاتب إلى مواصلة إسرائيل استعداداتها لتوجيه ضربة إلى إيران، وأن نتنياهو يرى فرصة للتعامل مع النووي الإيراني، على نحو يعزز مستوى قلق الولايات المتحدة.
وفي "هآرتس" أيضاً، أشار الكاتب يوسي فيرتير إلى أنّ نتنياهو حصل بقتل السنوار على فرصة إضافية ليتحوّل إلى سياسي ولاستعادة شخصيته قائداً، "لكنه على الأرجح سيضيّعها وسيوظّفها مرة أخرى لمصالحه الشخصية". وأوضح الكاتب أنه "بعد حصول نتنياهو على صورة نصر، لم تكن في خطابه أي إشارة إلى وجود خطة لإعادة المخطوفين"، وعليه، "هناك سبب لمخاوف عائلاتهم من أن ما كان هو ما سيكون، وأنّ الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ستظل لهما الكلمة الأخيرة".

إعلان
تابعنا
ملفات