واي إن إن - متابعات
عثرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على كميات كبيرة من الأسلحة الروسية الحديثة في مواقع لحزب الله في جنوب لبنان. وتقول صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية نقلاً عن مسؤولين أمنيين سوريين ومسؤول عربي إن بعض هذه الأسلحة، مثل صواريخ كورنيت الحديثة المضادة للدبابات المصنعة في عام 2020، أُرسلت من سورية إلى لبنان في السنوات الأخيرة، اذ لطالما زودت روسيا جيش النظام السوري، خلال السنوات الماضية، بالأسلحة. وكانت الأسلحة المضادة للدبابات مثل كورنيت من بين الأسلحة الأكثر فعالية في ترسانة حزب الله التي عززت قدراته بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي واستُخدمت لقتل العديد من الجنود الإسرائيليين. تغير الموقف الروسي بعد أوكرانيا وتشير الصحيفة إلى أن القادة العسكريين الإسرائيليين كانوا يعرفون أن حزب الله يمتلك بعض الأسلحة روسية الصنع، إلا أنهم كانوا يجهلون المدى الكامل لقدراته، حيث توقفت المواجهات الكبيرة مع حزب الله منذ حرب تموز/ يوليو 2006، وفي حين كان الاعتقاد الإسرائيلي بأن الأسلحة التي يملكها الحزب أقل تطوراً ويعود بعضها للحقبة السوفييتية تعثر قوات الاحتلال الآن على أسلحة أحدث وأكثر تقدماً وموجودة بأعداد أكبر مما توقعته، ويقول محللون عسكريون إن ذلك عزز بشكل كبير قدرة حزب الله على الرد. ويزيد العثور على هذه الأسلحة المخاوف في إسرائيل من أن روسيا ربما تعمل على تعميق علاقتها مع حزب الله، على الرغم من تأكيدات موسكو منذ فترة طويلة أنها لا تنحاز إلى أي طرف في الصراعات بين إسرائيل وجيرانها. وتنقل وول ستريت جورنال عن أركادي ميل مان، السفير الإسرائيلي السابق في روسيا، قوله إن "إسرائيل بحاجة إلى أن تكون أكثر حزماً وأن تدافع عن مصالحها". ويضيف ميل مان، وهو الآن باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "يتعين علينا أن نشرح وننقل إلى الروس أننا لن نسمح بعد الآن بأي مساعدة لحزب الله وإيران من شأنها أن تضر بالإسرائيليين". وسلط وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الضوء على نفوذ روسيا على حزب الله عندما قال أخيراً إن إسرائيل تأمل بأن تساعد روسيا في فرض أي اتفاق لنزع سلاح حزب الله من خلال منع تهريب الأسلحة من سورية إلى لبنان، وقال: "إن المبدأ القائل بأن حزب الله لن يتمكن من التسلح مرة أخرى أو الحصول على أنظمة أسلحة جديدة أو نقلها إلى لبنان وتجديد التهديد إلى الحد الذي كان عليه قبل الحرب أمر حيوي لنجاح أي ترتيب في لبنان. الروس موجودون في سورية، وإذا وافقوا على المبدأ، فيمكنهم المساهمة في تحقيق هذا الهدف بشكل فعال". لطالما نجحت إسرائيل في الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا لتجنب المواجهة معها في سورية، حيث توجد روسيا عسكرياً وفي الوقت نفسه تنفذ إسرائيل ضربات عسكرية تهدف إلى وقف تدفق الأسلحة إلى حزب الله عبر الحدود. لكن موقف روسيا في المنطقة تغير منذ اجتاحت أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، كما يقول المحللون، حيث تسعى موسكو بشكل حثيث إلى تحدي الولايات المتحدة وحلفائها أينما أمكن ذلك. وكانت وول ستريت جورنال قد كشفت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن تزويد روسيا جماعة الحوثيين في اليمن ببيانات أقمار اصطناعية تابعة لها استخدمتها الجماعة لمهاجمة السفن الغربية في البحر الأحمر في وقت سابق من هذا العام، كما قال مسؤولون أميركيون للصحيفة إن موسكو تفكر في تسليم صواريخ مضادة للسفن للحوثيين. كما ذكرت الصحيفة أن مجموعة فاغنر الروسية تخطط لتزويد حزب الله بنظام دفاع جوي، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان قد تم ذلك. وزاد التعاون بين روسيا وإيران، حيث زودت طهران موسكو بطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، وهي من النوع نفسه من الطائرات التي يستخدمها حزب الله ضد إسرائيل التي عجزت عن تحييد خطرها ومنعها من إصابة أهدافها. تدفق الأسلحة الروسية عبر سورية مع التدخل الروسي العسكري في سورية في أيلول/سبتمبر 2015 لمساعدة نظام بشار الأسد، أرسلت روسيا أسلحة تم تخزينها من قبل القوات السورية، كما احتفظت بأسلحة في مستودعاتها الخاصة في البلاد، وشارك الروس في المعارك إلى جانب عناصر حزب الله الذين قدِموا أيضاً لمساعدة الأسد، ما أدى إلى حصول تقارب بين الطرفين، بحسب مسؤولين أمنيين سوريين ومسؤول عربي، ما جعل من السهل على حزب الله الاستعانة بمخزونات الأسلحة الروسية في سورية كلما احتاج إلى المزيد من الأسلحة، وخاصة الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات والسفن، كما قال هؤلاء المسؤولون. وتقول الصحيفة إن مراسلها شاهد بعض الأسلحة الروسية خلال جولة في مختبر تفكيك الذخائر الوطني الإسرائيلي، وبالإضافة إلى صواريخ كورنيت الروسية، تضمنت الأسلحة أنظمة صواريخ روسية أخرى موجهة مضادة للدبابات، بما في ذلك ميتيس وكونكورس وفاجوتس وساجر. وقال رائد إسرائيلي يرأس مختبر التفكيك إنه تم العثور عليها على بعد أقل من كيلومتر واحد من الحدود داخل جنوب لبنان، فوق الأرض وتحت الأرض في مخابئ حزب الله. وقال الرائد الإسرائيلي إن نحو 60% إلى 70% من الأسلحة التي تم ضبطها في الأيام الأولى من العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان كانت روسية. ومنذ ذلك الحين، قال جنود الاحتياط الذين تحدثوا إلى الصحيفة إنهم ما زالوا يجدون العديد من الأسلحة الروسية داخل لبنان، وقال الرائد إنه غير متأكد من كيفية حصول حزب الله على الأسلحة أو التدريب عليها. وتقول الصحيفة إن العلامات الموجودة على بعض الأسلحة الروسية التي اطلعت عليها تؤكد أنها شقت طريقها من روسيا إلى حزب الله عبر سورية، وفي إحدى الحالات كانت الصواريخ التي عثر عليها في جنوب لبنان تحمل ملصقاً باللغة الروسية يقول إن الأسلحة أرسلت من روسيا إلى وزارة الدفاع السورية، ولكن ليس كل الأسلحة تحمل مثل هذه العلامات. وقال مايكل كارداش، نائب رئيس قسم إبطال مفعول القنابل في الشرطة الوطنية الإسرائيلية السابق، إن العلامات الموجودة على صواريخ كورنيت تؤكد أن النماذج روسية وليست نسخة إيرانية منها، ولم يُعرف متى تم إرسال الأسلحة إلى لبنان، إلا أن الرائد، الذي يرأس مختبر التفكيك، قال إن بعضها تم تصنيعه في عام 2020. ويبدو أن البعض الآخر، مثل ساجر، أقدم بكثير وكانت عليه ملصقات تُظهر أنه تم تصنيعه في الثمانينيات. تعزيز قدرات حزب الله وعن دور هذه الصواريخ في تعزيز قدرات حزب الله القتالية في مواجهة الغزو الإسرائيلي، تنقل وول ستريت جورنال عن فابيان هينز، زميل الأبحاث العسكرية في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولي في لندن، قوله إن توفر صواريخ موثوقة وقصيرة المدى مثل كورنيت كان أمراً بالغ الأهمية لحزب الله، وهو ما مكنه من متابعة حملة أكثر كفاءة ضد إسرائيل بالمقارنة مع حماس التي ليس لديها سوى إمكانية الوصول إلى نسخ إيرانية أقل موثوقية. وتقول الصحيفة إن 43 جندياً إسرائيلياً قُتلوا منذ بدأ الاحتلال الإسرائيلي عمليته البرية في لبنان. وأشار رقيب إسرائيلي يعمل ضمن فريق إخلاء طبي في لبنان إلى أن الطريقة الأكثر فعالية لقتل الجنود الإسرائيليين التي شاهدها حتى الآن كانت الصواريخ المضادة للدبابات أو صواريخ كورنيت التي يمكن إطلاقها من مسافة سبعة إلى ثمانية كيلومترات. ومن جهته، يقول آدم روسيل، الباحث في Militant Wire، وهي شبكة من الخبراء تفحص الأسلحة التي تستخدمها الجهات الفاعلة غير الحكومية، إن كورنيت إلى جانب صاروخين روسيين آخرين مضادين للدبابات استولى عليهما الجيش الإسرائيلي، ظهرا عشرات المرات في مقاطع فيديو لحزب الله لهجمات ضد إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتشير وول ستريت جورنال إلى تساؤلات تدور بين المحللين والمسؤولين الإسرائيليين حول علاقات تل أبيب مع موسكو في ضوء ما تبين من تزويدها حزب الله بالسلاح، حيث يرون أن موسكو أوضحت موقفها من خلال دعم أعداء إسرائيل عسكرياً، وعلى النقيض من أغلب الدول الغربية، لم تقدم إسرائيل سوى دعم غير عسكري محدود لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، وهي الاستراتيجية التي يقول المحللون إنها مدفوعة برغبة في عدم إثارة غضب موسكو. وقال كارميت فالينسي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، للصحيفة: "نحن بحاجة إلى أن نستيقظ من هذا النهج. لم يعد الأمر يتعلق فقط بالدعم الروسي لمحور المقاومة" غير المرتبط بإسرائيل، فحالياً "نحن نواجه ذلك في ساحة المعركة وهو يوقع ضحايا".
مصطفى البرغوثي
أسامة رشيد
مصطفى ناجي
عبد الرحمن الراشد
عمر سمير