واي إن إن - متابعات
يطرح المتابعون لاقتصاد السلطنة تساؤلات عن سر قوة الريال العُماني، رغم عدم ضخامة الموارد الدولارية؟ وهل يعود ذلك بالنفع على المواطنين أم أن الأفضل هو سياسة تخفيض العملة التي تتبعها الصين مثلا؟ تُطرح هذه التساؤلات في ظل تسعير الريال بما يوازي 2.6 دولار، ما أسفر عن ظاهرة في سوق السلع العمانية تتمثل في ارتفاع أسعار السلع الصغيرة وانخفاض أسعار السلع الكبيرة. فعلى سبيل المثال، يمكن للمقيم في السلطنة شراء غسالة بمبلغ يراوح بين 60 و70 ريالا، بينما يبلغ متوسط سعر مسحوق غسيل الملابس (وزن خمسة كيلوغرامات) أربعة ريالات، وبالتالي فإن تأسيس الإقامة والسكن ميسور، مقابل كلفة معيشة مرتفعة، وفقا لما رصده "العربي الجديد". ويعزو العديد من الخبراء هذا الواقع إلى علاقة الريال بالدولار. فمنذ عام 1986 يتمتع الريال العُماني بنظام سعر صرف ثابت يرتبط بالدولار، ويوفر هذا الارتباط استقرارا نقديا ويساعد في تقليل تقلبات العملة، وهو ما يعزز الثقة في الاقتصاد العماني، وذلك رغم عدم ضخامة الموارد الدولارية للسلطنة مقارنة بدول الخليج الأخرى، إذ يتبع البنك المركزي سياسات نقدية حذرة، ويحتفظ باحتياطيات كافية من العملات الأجنبية لضمان استقرار سعر الصرف، حسبما أورد تقرير نشره موقع "India Inputs". كما يعتمد الاقتصاد العُماني بشكل كبير على صادرات النفط والغاز التي تُسعر بالدولار، ولذا فعندما ترتفع أسعار النفط تزداد الإيرادات الحكومية، وهو ما يعزز قوة الريال ويضمن استقرار الاحتياطيات النقدية. وتساهم قوة الريال العُماني في الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة، ما يحمي القوة الشرائية للمستهلكين ويُسهل استيراد السلع والخدمات بأسعار مستقرة. ومع ذلك، قد يؤدي هذا الارتباط إلى تحديات في حال حصول تقلبات في سعر الدولار أمام العملات الأخرى، وهو ما قد يؤثر على تنافسية الصادرات العُمانية مستقبلا، بحسب إفادة خبيرين . سياسة البنك المركزي العُماني وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العماني مرتضى حسن علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن استقرار الريال العُماني يرتبط بعوامل سياسية ومالية واقتصادية ونقدية متعددة، رغم عدم امتلاك السلطنة موارد دولارية ضخمة، و"لذا يحافظ على سعر صرف منذ عقود يرتفع وينخفض بالتناسب مع تحركات العملة الأميركية أمام العملات الأخرى"، مشيراً إلى أن "تقويم صادرات النفط، وهي السلعة الرئيسية للسلطنة، بالدولار يمنح العملة المحلية استقرارا كبيرا، ويحميها من تقلبات العملات الأخرى". وتساهم السياسة النقدية الصارمة للبنك المركزي العماني في تعزيز قوة الريال، حيث يتبع سياسة محافظة مع الاحتفاظ باحتياطيات كافية من النقد الأجنبي لدعم سعر الصرف، بحسب علي، لافتا إلى أن هذه السياسة تقلل احتمالات المضاربة على العملة المحلية. وتبذل الحكومة العمانية جهودا لتنويع الاقتصاد عبر قطاعات السياحة والموانئ والصناعات، واستثمار الموارد الأخرى بعملات مختلفة لتقليل الاعتماد على النفط، وهو ما قد يتيح ربط سعر الريال بسلة من العملات إذا رغبت الحكومة في ذلك، حسبما يرى علي، مؤكدا أن استقرار السلطنة يعزز ثقة المستثمرين في عملتها. ويخلص علي إلى أن تخفيض قيمة الريال العماني يحمل آثارا متباينة، فقد يعزز تنافسية الصادرات العُمانية الزراعية والصناعية في الأسواق العالمية، ويجذب السياح بخفض كلفة السفر، ويحفز الاقتصاد المحلي، لكنه يؤدي إلى ارتفاع كلفة الواردات وزيادة التضخم وتآكل المدخرات، ما يضر بثقة المستثمرين ويضغط على الاحتياطيات النقدية. عوامل استقرار الريال العُماني وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي العماني خلفان الطوقي، في حديث له ، إلى أن الوضع المالي في سلطنة عُمان يتميز بالاستقرار والاعتدال، رغم عدم امتلاك السلطنة احتياطيات دولارية ضخمة، إذ تمتلك السلطنة احتياطيات مالية كافية تغطي احتياجاتها لأكثر من عام، ما يمنحها قدرة على مواجهة أي أزمات محتملة، وعزا ذلك إلى ارتباط الاقتصاد العماني بالنفط وعلاقته المباشرة بالدولار، ما يساهم في تعزيز استقرار العملة المحلية. فارتباط الريال العماني بالدولار وليس بسلة من العملات من عوامل الحفاظ على قوته واستقراره، بحسب الطوقي، الذي يرى أن طبيعة الاقتصاد العماني لا تستدعي خفض قيمة العملة المحلية (الريال)، خاصة أن السلطنة ليست دولة صناعية تعتمد على التصدير بشكل رئيسي. وبما أن الدولار يمثل أهمية كبيرة للاقتصاد العُماني، حيث تتم معظم التعاملات التجارية به، سواء في قطاع السياحة أو صادرات النفط والغاز، وحتى الصادرات غير النفطية، فإن الوضع المالي المستقر للسلطنة لا يتطلب خفض قيمة الريال العماني على النحو الذي تقوم به الصين مع عملتها (اليوان)، حسبما يرى الطوقي.
مصطفى ناجي
محمد ابو رمان
علي انوزلا
المهدي مبروك
مروان قبلان