القمة العربية الطارئة... اختبار لمواجهة مخطط تهجير الفلسطينيين

10-02-2025 09:01:39    مشاهدات116

واي إن إن - متابعات

في الوقت الذي تستعد فيه القاهرة لاستضافة القمة العربية الطارئة في 27 فبراير/شباط الحالي، بدأ وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي زيارة، أمس الأحد، إلى واشنطن، لتقديم خطة لإعادة إعمار قطاع غزة من خلال إنشاء تحالف عربي، حسب ما أفادت به مصادر "العربي الجديد". وتأتي هذه الزيارة قبيل انعقاد القمة العربية الطارئة بهدف مناقشة التطورات الخطيرة للقضية الفلسطينية، خصوصاً في ظل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، الذي يرى مراقبون أنه يشكل اختباراً تاريخياً للدول العربية لمواجهة الخطر الوجودي الذي يهدد ليس فقط الفلسطينيين وقضيتهم، ولكن أيضاً الدول العربية المحيطة.
وأفاد بيان للخارجية المصرية بأن القمة العربية الطارئة المقررة في 27 فبراير الحالي تأتي بالتنسيق مع البحرين، الرئيسة الحالية للقمة العربية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وبالتشاور مع الدول العربية، بما في ذلك دولة فلسطين التي طلبت عقد هذه القمة. واعتبر مراقبون أنه على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجهها الجامعة العربية، إلا أنها تمتلك القدرة على مواجهة خطط تهجير الفلسطينيين من خلال تبني استراتيجيات متعددة. من بين هذه الاستراتيجيات، تكثيف المساعدات الإغاثية وإعادة إعمار غزة، ما يعزز صمود الفلسطينيين على أرضهم ويفشل مخططات التهجير.
فضلاً عن ذلك، يمكن للجامعة العربية تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي لممارسة ضغوط دبلوماسية على الإدارة الأميركية وإسرائيل لوقف أي محاولات لتهجير الفلسطينيين. كما يمكنها اللجوء إلى الهيئات الأممية، مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة، لاعتبار أي عملية تهجير قسري بمثابة تطهير عرقي وانتهاك للقانون الدولي. كما يمكن للجامعة العربية دراسة تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك لحماية حقوق الشعب الفلسطيني، وإرسال رسالة واضحة بأن الدول العربية مستعدة لاتخاذ خطوات عملية لحماية الفلسطينيين.
ونظراً إلى المواقف الداعمة الحقوقَ الفلسطينيةَ من قبل بعض الدول، مثل تركيا وإيران وجنوب أفريقيا، يمكن توجيه دعوة إلى هذه الدول للمشاركة في جهود إعادة إعمار غزة. وهذا التعاون الدولي من شأنه أن يعزز من فعالية عملية إعادة الإعمار ويبعث برسالة تضامن قوية مع الشعب الفلسطيني. وأكد دبلوماسيون وخبراء أنه يمكن للمشاركين في القمة العربية الطارئة اتخاذ موقف حازم برفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، سواء بشكل دائم أو مؤقت، واعتبار ذلك نوعاً من التطهير العرقي. كما يمكنها مخاطبة الهيئات الأممية، مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة، لإبلاغها بالقرار العربي الرافض هذه المحاولات، والدعوة إلى اتخاذ إجراءات دولية لمنع تنفيذها.
في هذا السياق، أكد أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة، في تصريحات أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره يُعد من المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وهو حق غير قابل للتصرف أو السقوط بالتقادم، كما أكدت ذلك قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القرار رقم 3236 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، الذي يعترف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة. وأضاف سلامة أن أي محاولات لفرض التوطين القسري على الفلسطينيين خارج أرضهم التاريخية تمثل انتهاكاً صارخاً لهذا الحق، وتشكّل جريمة دولية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتقويض نضال الشعب الفلسطيني المشروع. كما أشار إلى أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحظر التهجير القسري للسكان تحت أي ظرف، وهو ما يعني أن أي محاولة لفرض توطين الفلسطينيين في أي دولة أخرى، بما في ذلك السعودية، تتعارض مع هذه القواعد الملزمة للقانون الدولي الإنساني.
وأشار سلامة إلى أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعرّف التهجير القسري بأنه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ما يعني أن أي خطة تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم التاريخية تحت غطاء "التوطين" تقع ضمن نطاق الجرائم الدولية التي تستوجب المحاسبة والمساءلة أمام المحاكم الدولية. وشدّد سلامة على أن الموقف العربي والإسلامي كان واضحاً عبر الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، حيث رفضت الدول العربية والإسلامية أي مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول قسرية تتجاهل الحقوق التاريخية والسياسية للشعب الفلسطيني. وأكد أن المبادرة العربية للسلام لعام 2002 نصّت بوضوح على أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون وفق قرارات الشرعية الدولية، وليس عبر حلول مفروضة تنتقص من حقوق الفلسطينيين وسيادة الدول العربية. أما في ما يتعلق بالتصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن توطين الفلسطينيين، فقد اعتبرها سلامة ليست مجرد استفزاز سياسي، بل تعكس عقلية استعمارية تحاول فرض وقائع جديدة على الأرض بالقوة، في تحدٍّ صارخ للإرادة الدولية والقوانين المنظمة للعلاقات بين الدول. إلا أن مثل هذه المحاولات ستظل مرفوضة من قبل جميع الدول التي تؤمن بالعدالة والحق، التي أكدت مراراً دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

إعلان
تابعنا
ملفات