خطوات وطقوس اختيار خليفة البابا فرنسيس

21-04-2025 10:52:10    مشاهدات35

واي إن إن - متابعات

بعد أن أعلن الفاتيكان، اليوم ، وفاة البابا فرنسيس، سيكون على الكنيسة الكاثوليكية الرومانية البدء في طقوس معقدة تفرضها تقاليد متجذرة ترتبط بالانتقال من عهد بابوي إلى آخر. ويحكم أغلب هذه الطقوس ما يعرف بالدستور الرسولي الذي أقره البابا يوحنا بولس الثاني في 1996 وعدّله البابا بنديكت السادس عشر في 2007 و2013.
ومن المقرر أن يتولى إدارة الشؤون الاعتيادية للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، التي يبلغ عدد أتباعها قرابة 1.4 مليار، الكاردينال الأميركي الأيرلندي كيفن فاريل بصفته من يطلق عليه اسم "كاميرلنغو الكنيسة الرومانية المقدسة" خلال الفترة المعروفة باسم "الكرسي الشاغر".
وجاء تأكيد وفاة البابا بإجراءات صارت بسيطة هذه الأيام تتطلب حضور طبيب وشهادة وفاة، وذلك مقارنة بما كان يجري حتى وقت ما من القرن العشرين بالنقر بمطرقة فضية على جبهة البابا ثلاث مرات. وقرار نقل جثمان البابا إلى كاتدرائية القديس بطرس ليلقي الجمهور النظرة الأخيرة عليه في أيدي الكاميرلنغو وثلاثة مساعدين يجرى اختيارهم من بين كرادلة تقل أعمارهم عن 80 عاماً معروفين بالكرادلة الناخبين.
كما توكل إليهم مهمة التأكد من كسر الخاتم الخاص بالبابا الذي يطلق عليه اسم "خاتم الصياد" وختمه من الرصاص، حتى لا يتمكن أي شخص آخر من استخدامه. ولا تخضع الجثة للتشريح. ويُغلِق الكاميرلنغو مسكن البابا الشخصي ويختمه بالشمع الأحمر. وفي الماضي، كان هذا المسكن في شقق القصر الرسولي، لكن فرنسيس سكن في جناح صغير بدار ضيافة الفاتيكان المعروفة باسم بيت القديسة مارتا.
ولا يمكن للكاميرلنغو والكرادلة الآخرين اتخاذ قرارات رئيسية تؤثر على الكنيسة أو تغير تعاليمها. ويقدم رؤساء معظم أقسام الفاتيكان استقالاتهم إلى أن يؤكد البابا الجديد استمرارهم في مناصبهم أو يعين بدلاء. وتستمر طقوس الحداد تسعة أيام، ويحدد الكرادلة موعد الجنازة والدفن. وينص الدستور الرسولي على ضرورة البدء في ذلك بين اليومين الرابع والسادس من الوفاة.
الجنازة البابوية
أدخل البابا فرنسيس، الذي تخلى عن الكثير من مظاهر البذخ والامتيازات المرتبطة بقيادة الكنيسة الكاثوليكية، تعديلاً وتبسيطاً على طقوس الجنازة البابوية في 2024. ولا يزال من المتوقع إقامة قداس الجنازة في ساحة القديس بطرس، لكن على عكس كثير من أسلافه، طلب فرنسيس أن يدفن في كنيسة سانتا ماريا ماجيوري بروما.
كما طلب فرنسيس أن يدفن في نعش خشبي بسيط، على عكس أسلافه الذين دفنوا في ثلاثة توابيت متشابكة مصنوعة من خشب السرو والرصاص والبلوط. وطلب ألا يعرض جثمانه على منصة مرتفعة أو نعش في كاتدرائية القديس بطرس ليراه زوار روما، كما كان الحال مع الباباوات السابقين.
الاجتماع السري
يتوافد الكرادلة من أنحاء العالم إلى روما بعد وفاة بابا الفاتيكان ويعقدون اجتماعات يومية تُعرف باسم التجمعات العامة لمناقشة شؤون الكنيسة وتحديد السمات التي يعتقد كل منهم أنها يجب أن تتوفر في البابا الجديد. يمكن للكرادلة الذين يبلغون من العمر 80 عاماً أو أكثر حضور التجمعات العامة، لكن لا يُسمح لهم بالمشاركة في الاجتماع السري الذي يُنتخب خلاله البابا الجديد، إذ يشارك فيه فقط الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عاماً. وتجرى معظم المناقشات عبر التواصل الشخصي بين الكرادلة. وتقليدياً، يُلتزَم بفترة حداد مدتها 15 يوماً قبل أن يبدأ عقد الاجتماع السري.
وقبل أن يستقيل في عام 2013، أجرى البابا بنديكت تعديلاً دستورياً للسماح ببدء عقد الاجتماع السري بعد فترة أقصر إذا اختار الكرادلة ذلك، أو بعد 20 يوماً من وفاة البابا حداً أقصى إذا تعذر على بعض الكرادلة الوصول إلى روما. ويُعقد الاجتماع السري في كنيسة سيستين. وحتى انعقاد الاجتماعين اللذين انتخبا يوحنا بولس الأول ويوحنا بولس الثاني، كان الكرادلة يقيمون في غرف مؤقتة حول كنيسة سيستين.
ومنذ انعقاد اجتماع عام 2005 الذي انتخب البابا بنديكت، يجري الكرادلة التصويت في كنيسة سيستين لكنهم يقيمون في بيت القديسة مارتا الذي يضم نحو 130 غرفة. ويغلق بيت القديسة مارتا وينقل الكرادلة بحافلة إلى كنيسة سيستين. ويعرف الاجتماع السري باسم "كونكلاف" المأخوذ من كلمة لاتينية تعني "بمفتاح"، وتعود جذور الاسم إلى تقليد بدأ في القرن الثالث عشر عندما كان يُبقى الكرادلة في اجتماع من دون السماح لهم بالخروج لإجبارهم على اتخاذ القرار بأسرع وقت ممكن والحد من التدخل الخارجي.
وفي أيام الاجتماع، يُمنع المشاركون من أي تواصل مع العالم الخارجي، ولا يُسمح باستخدام الهواتف ولا الإنترنت ولا الصحف، وتستخدم شرطة الفاتيكان أجهزة أمنية إلكترونية لفرض القواعد. ويجري الكرادلة تصويتين يومياً على مدار أيام الاجتماع السري، باستثناء اليوم الأول عندما يجرى تصويت واحد.
ويتطلب نجاح أي من المرشحين للبابوية الحصول على تأييد أغلبية الثلثين زائد واحد من الكرادلة الناخبين. وإذا لم يُنتخب أي مرشح بعد 13 يوماً، تُجرى جولة ثانية بين المرشحين المتصدرين لكن يظل الاختيار رهن تأييد أغلبية الثلثين زائد واحد لأي منهما، وذلك لتعزيز الوحدة وتثبيط البحث عن مرشحين توافقيين.
"هابموس بابام"
عندما ينتخب الاجتماع السري بابا جديداً، يُسأل عما إذا كان يقبل توللي البابوية وعن الاسم الذي يرغب في اتخاذه، وإذا رفض تولي المهمة، تعاد إجراءات الانتخاب من جديد. ويرتدي البابا الجديد ثياباً بيضاء تُعدّ مسبقاً بثلاثة قياسات، ويجلس على كرسي البابوية في كنيسة سيستين لاستقبال الكرادلة الآخرين الذين يقدّمون له التحية ويتعهدون بالولاء له.
ويعرف العالم أن البابا قد انتُخب عندما يحرق أحد المسؤولين أوراق الاقتراع بمواد كيميائية خاصة ليتصاعد دخان أبيض اللون من مدخنة الكنيسة، أما الدخان الأسود فيرمز إلى تصويت غير حاسم. ويصعد كبير الناخبين من الكرادلة الشمامسة، وهو حالياً الكاردينال الفرنسي دومينيك مامبرتي، إلى الشرفة المركزية لكاتدرائية القديس بطرس ليعلن للحشود في الساحة النبأ قائلاً "هابموس بابام" والتي تعني (لدينا بابا). ثم يظهر البابا الجديد ويمنح الحشود أول مباركة له.
خبير في القانون الكنسي يتوقع صعوبة عملية انتخاب البابا الجديد
إلى ذلك، قال توماس شولر، الخبير الألماني في القانون الكنسي، إن اجتماع انتخاب البابا الجديد سيستغرق على الأرجح وقتاً أطول من المعتاد، وأردف: "أعتقد أنه سيكون مجمعاً مغلقاً أطول وأكثر تعقيداً، لأن مجموعة الناخبين غير متجانسة"، مشيراً إلى أن العديد من الكرادلة الذين عيّنهم البابا فرنسيس في السنوات الماضية، والذين ينحدرون من مناطق شتى من العالم، لا يمكن تصنيفهم مسبقاً ضمن تيارات أو فصائل معينة، فضلاً عن أنهم لا يمتلكون خبرة في التمهيد لما يُعرف بـ"ما قبل المجمع المغلق".
وأضاف شولر: "ثمة أمران سيثيران الاهتمام لمتابعتهما: الأول، هل ستنجح المجموعة ذات التوجه الإصلاحي في فرض إرادتها والتوافق على مرشّح واحد؟ والآخر: كيف ستُفهم مواقف من يُطلق عليهم اللاعبون الأحرار؟ وهؤلاء هم القادمون من منغوليا، وتيمور، أو من أي مكان آخر عيّن فيه البابا كرادلة لا يعرفون الكثير عن الأعراف الرومانية، لكننا نأمل أن يتمعتوا بالحرية الداخلية التي تمكّنهم من انتخاب الشخص الذي يرونه الأفضل".
وقال شولر إن الإنجاز الأساسي للبابا الراحل يتمثل في أنه كسر مركزية أوروبا في الكنيسة الكاثوليكية، وقاد الكنيسة نحو الأطراف، "ويظهر ذلك أيضاً في أن جميع الشعوب والأمم أصبحت ممثلة في مجمع الكرادلة". ورأى شولر أن مدى استمرار نهج الإصلاح الذي سار عليه فرنسيس سيعتمد على هوية الشخص الذي سيُنتخب خليفة له، واستطرد:" لكن لنقل الأمر بهذه الطريقة: لقد رأينا ذلك بالفعل في عام 1989: فعند إيقاظ روح الحرية، لا يمكن بعد ذلك إعادتها من جديد إلى داخل القمقم. وقد منح فرنسيس المؤمنين القدرة على فعل ذلك".

إعلان
تابعنا
ملفات