واي إن إن - متابعات
تراجع سعر الدولار مقابل العملات الرئيسية بنسبة 10% خلال الشهرين الماضيين، وجاء التراجع في ظل مؤشرات مقلقة تتعلق بالاقتصاد الأميركي حيث هرب أثرياء أميركيون من المصارف المحلية إلى المصارف السويسرية، فيما باع مستثمرون بكثافة أصولهم في أسهم بورصات "وول ستريت" واشتروا في بورصات أوروبا والصين، والذهب يرتفع بمستويات هائلة خلال الأسابيع الماضية. كما يحدث تراجع قيمة الدولار بسبب سياسات حروب التجارة والرسوم التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومخاوف انهيار الاقتصاد الأميركي. ووفق تقرير للخبير المالي الأميركي بشركة "فونيكس كابيتال ريسيرش"، غراهام سمرز، نُشر موقع "زيرو هيدج" المالي مقتطفات منه، فقد انهار الدولار بأكثر من 10% خلال الشهرين الماضيين. وكان العامل المحفز لهذا التراجع الكبير في فترة قصيرة، هو هروب المستثمرين من الولايات المتحدة وعملتها ردًا على شن إدارة ترامب حربًا تجارية شرسة على العالم. وتساءل الخبير غراهام في تقريره المطول عما إذا كان ما يحدث للدولار هو بداية الانهيار مثلما حدث في السابق للجنيه الإسترليني بعد الحرب العالمية الثانية؟ يقول مصرفيون إنّ الوضع الراهن للدولار يشير إلى تقلبات كبيرة واحتمالية عدم استقرار على المدى المنظور، مما يثير مخاوف المستثمرين والمحللين من انهيار محتمل للورقة الخضراء أو العملة الأميركية. وساهمت عوامل مختلفة خلال الأشهر الأخيرة في هذا التصور، بما في ذلك تصاعد التوترات التجارية، وارتفاع الدين العام الأميركي، وتراجع ثقة المستثمرين في السياسة النقدية الأميركية. ويقول تقرير "زيرو هيدج"، الصادر مساء أمس الثلاثاء "لقد أضافت الولايات المتحدة ديونًا بأكثر من 10 تريليونات دولار منذ العام 2020، وستحتاج إلى استدانة المزيد من الترليونات خلال سنوات الرئيس ترامب". والسؤال المطروح الآن، كيف ستتمكن الولايات المتحدة التعامل مع كل هذا الدين مع هروب المستثمرين الأجانب من الدولار والأصول المقومة به؟ ويرى مصرفيون أنّ الانخفاض الحادّ في سعر صرف الدولار الذي تجاوز 10% في شهرين فقط، يعد أحد وأشد انخفاضاته قصيرة الأجل في التاريخ. ووفق تحليهم، يُعزى هذا الانخفاض إلى المخاوف المحيطة بالحرب التجارية المستمرة التي بدأتها إدارة ترامب، وعدم الاستقرار الاقتصادي الأوسع داخل الولايات المتحدة. تراجع الدولار ومخاوف المستثمرين وثانياً يعود إلى مخاوف المستثمرين من الدين الوطني للولايات المتحدة الذي تجاوز 34 تريليون دولار، حيث بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 120%، وهي واحدة من أعلى المعدلات عالميًا، وفق "زيرو هيدج". ويشكل هذا الوضع تحديًا كبيرًا لإعادة التمويل، حيث من المتوقع أن يتم تجديد ما يقرب من 9 تريليونات دولار من الديون المستحقة خلال العام المقبل. ويمكن لهذه المستويات المرتفعة من الديون أن تقوض الثقة في استقرار الدولار. أما العامل الثالث، فهو سلوك المستثمرين: حيث ينسحب المستثمرون بشكل متزايد من الأصول المقومة بالدولار، بما في ذلك سندات الخزانة الأميركية، بسبب المخاوف بشأن الظروف الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي. ويشير هذا الاتجاه إلى أن الثقة في الدولار آخذة في التضاؤل. وقد يحتاج مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى تدخل أكثر جرأةً إذا استمر هذا الاتجاه، إما من خلال شراء السندات أو رفع أسعار الفائدة، وكلاهما ينطوي على مخاطر. ورابع أسباب تراجع سعر الدولار يكمن في ارتفاع أسعار الذهب: حيث إن استجابة المستثمرين لهذه الشكوك المحيطة بالدولار و"تجارة ترامب" رفعت أسعار المعدن النفيس بشكل ملحوظ، من حوالي 2950 دولارًا قبل تنصيب الرئيس ترامب إلى حوالي 3433 دولارًا للأونصة حالياً، مما يشير إلى لجوء المستثمرين إلى الملاذ الآمن. وتاريخيًا، غالبًا ما تسبق مثل هذه التحركات انخفاضات كبيرة في السوق. ويرى مصرفيون أن الارتفاع الهائل في سعر الذهب يشير إلى احتمالات انهيار سوق الأسهم، لأن الهروب من الأسهم الأميركية الآن أعلى من أي وقت مضى منذ الجائحة. أما العامل الخامس، فهو أن هناك اتجاهات ناشئة تشير إلى تحول عن الاعتماد على الدولار في التجارة والتمويل العالميين، وهو ما يعني التخلص التدريجي من دولرة الاقتصاد العالمي، خاصةً بين الدول التي تبحث عن بدائل بسبب التوترات الجيوسياسية، حيث بدأت روسيا ببيع النفط بالعملات المحلية بدلاً من الدولار، مما قد يُضعف الطلب على الدولار أكثر. وتطالب الهند بتسديد مشترياتها من النفط بعملتها بالروبية، وكذلك الصين تتفاوض مع الشركات البترولية على تسديد شحنات النفط باليوان الصيني. أما العامل السادس فيتعلق بمؤشرات السوق: إذ عاد مؤشر خاص يُعرف باسم "مُحفِّز الانهيار" للنشاط أخيرًا بعدما كان خاملاً. وهذا المؤشر يعني نشاطه تحذير خطير للمستثمرين، حيث أشار سابقًا إلى انهيارات سوقية كبيرة في عامي 1987 و2008. ويشير تنشيط هذا المؤشر إلى أن ظروف السوق قد تكون مهيأة لاضطرابات مالية كبيرة.
مصطفى ناجي
عريب الزنتاوي
د.حسن نافعة
مصطفى البرغوثي