واي إن إن - متابعات
بلغ التوتر السوداني ــ الإماراتي ذروته، اليوم ، مع إعلان مجلس الأمن والدفاع التابع للحكومة والجيش في السودان، دولةَ الإمارات "دولةَ عدوان"، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وسحب السفارة السودانية والقنصلية العامة، على خلفية ما تقول الخرطوم إنه دعم تقدمه أبوظبي لقوات الدعم السريع، ولقصفها بورتسودان شرقي السودان خصوصاً. ويأتي ذلك بعد هجمات مكثفة بالطائرات المسيّرة على مدينة بورتسودان، العاصمة البديلة المؤقتة شرقي السودان، شنتها قوات الدعم السريع التي تتهم الحكومة السودانية الإمارات بدعمها بالمال والسلاح. وقال وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم، في بيان صحافي، اليوم الثلاثاء، عقب اجتماع لمجلس الأمن والدفاع، إنّ السودان "ظل يتعرّض لأكثر من عامين لجريمة عدوان تستهدف وحدة أراضيه من دولة الإمارات ووكيلها المحلي، قوات الدعم السريع"، مضيفاً أنه "عندما تيقنت الإمارات من هزيمة وكيلها بعد دحره من الجيش السوداني، صعّدت دعمها وسخرت المزيد من إمكانياتها، وأمّدت الدعم السريع بأسلحة استراتيجية متطوّرة ظلت تستهدف بها المنشآت الحيوية والخدمية". وأضاف إبراهيم أنّ "آخر هذه الاستهدافات طاول مستودعات النفط والغاز، وميناء ومطار بورتسودان، ومحطات الكهرباء والفنادق، ما عرّض حياة ملايين المدنيين وممتلكاتهم للخطر"، محذراً من أنّ هذا الأمر يهدد الأمن الدولي والإقليمي، خصوصاً أمن منطقة البحر الأحمر. وأعلن أنه على إثر هذا العدوان المستمر قرّر مجلس الأمن والدفاع التابع للحكومة السودانية إعلان دولة الإمارات "دولةَ عدوان"، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وسحب السفارة والقنصلية السودانية. وأشار إلى أنه "اتساقاً مع نص وروح المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي أعطت الدول الحق في الدفاع عن نفسها، سيحتفظ السودان بحق رد العدوان بالسبل كافّة للحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها، ولضمان حماية المدنيين واستمرار وصول المساعدات الإنسانية"، وتابع: "نطمئن الأمة السودانية بأنّ الدولة قادرة على ردع العدوان والحفاظ على أمن البلاد". وشنّت قوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني منذ 15 إبريل/ نيسان 2023، هجمات للمرة الأولى على مدينة بورتسودان، التي تتخذها الحكومة السودانية عاصمةً بديلة بعد تدمير العاصمة الخرطوم، واستهدفت، أول أمس الأحد، قاعدة عثمان دقنة الجوية ومطار بورتسودان ومستودعاً للبضائع، وواصلت حتى صباح اليوم الثلاثاء قصف المدينة بالطائرات المُسيّرة، وضربت محطة الكهرباء والمطار والميناء ومستودعات للوقود. وتتهم الحكومة السودانية التي يقودها الجيش دولة الإمارات بإمداد قوات الدعم السريع بالسلاح، فيما تنفي أبوظبي هذه الاتهامات. وبسبب ذلك قدّم السودان طلباً إلى محكمة العدل الدولية، في مارس/ آذار الماضي، لإقامة دعوى ضد دولة الإمارات فيما يتعلق بنزاع حول "مزاعم انتهاكات الإمارات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" تجاه مجموعة المساليت في السودان، خاصة في غرب دارفور. وذكرت المحكمة، في بيان، يوم 6 مارس/ آذار، أنّ طلب السودان يتعلق "بأفعال ارتكبتها" قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، تشمل "على سبيل المثال لا الحصر، الإبادة الجماعية والقتل وسرقة الممتلكات والاغتصاب والتهجير القسري والتعدي على ممتلكات الغير وتخريب الممتلكات العامة وانتهاك حقوق الإنسان". وقد أعلنت المحكمة، أمس الاثنين، رفض الدعوى وشطبها لعدم الاختصاص، وأشارت في قرارها إلى أن دولة الإمارات، عند انضمامها إلى اتفاقية منع الإبادة الجماعية، أبدت تحفظاً على المادة التاسعة منها، وهو تحفظ يسعى إلى استبعاد اختصاص المحكمة. وبعد ساعاتٍ من رفض محكمة العدل الدولية الدعوى، أكدت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، اليوم الثلاثاء، احترامها الحكم الذي صدر بحجة أن المحكمة لا تتمتع بالاختصاص القضائي لبتّ القضية، بسبب إبداء الإمارات تحفظاً لدى توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية في عام 2005. وقلّلت الحكومة السودانية، مساء أمس الاثنين، من أهمية قرار المحكمة، وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية خالد الأعيسر، في منشور على منصة إكس: "قضية الأمة السودانية ضدّ الإمارات لن تتوقف عند محطة محكمة العدل الدولية. الحكومة السودانية ستطرق كل باب يتاح لها، للاقتصاص من الذين ارتكبوا الجرائم بحق الشعب السوداني". وأضاف أنّه إذا "كان قضاة محكمة العدل الدولية قد أوقفوا النظر في القضية لأسباب إجرائية، لا لأسباب جوهرية، فإن هناك محاكم دولية أخرى تقبل مثل هذه الدعاوى، وتحاكم المجرمين، وتنصف الشعوب، وتعاقب الحكومات التي تهدّد استقرار البلدان وتقتل الأبرياء، وتحمي العدالة كما ينبغي لها أن تُحمى". وأكدت وزارة العدل السودانية، في بيان، اليوم الثلاثاء، أن "قرار محكمة العدل الدولية لا يعني براءة الإمارات من الانتهاكات المنسوبة إليها، إذ إنّ القرار بُني على الشطب الشكلي بعدم الاختصاص، دون الخوض في موضوع الادعاءات الموجهة ضد دولة الإمارات والبينات المتماسكة التي قُدّمت في هذا الصدد"، وشددت على أن "هذا القرار لا يمنع السودان من اللجوء إلى المقاضاة في منابر دولية أخرى والمطالبة بالتعويضات الناتجة عن هذه الانتهاكات".
كمال أوزتورك
د.محمد موسى العامري
د.حسن نافعة
مصطفى ناجي
عريب الزنتاوي