مجلس النواب الليبي يقرر تشكيل حكومة موحدة وصالح يطالب حكومة الدبيبة بترك السلطة

19-05-2025 10:31:18    مشاهدات73

واي إن إن - وكالات

قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، اليوم الاثنين، إنّ الوقت قد حان لتخلّي حكومة الوحدة الوطنية عن السلطة "كرهاً أو طوعاً"، مطالباً بضرورة مثول رئيسها عبد الحميد الدبيبة "أمام القضاء لوقوفه وراء استخدام القوّة المفرطة ضدّ المتظاهرين" ليل الجمعة الماضية. جاء ذلك في كلمة صالح في افتتاح جلسة عقدها مجلس النواب في مقرّه ببنغازي، لمناقشة تشكيل حكومة موحدة للبلاد، قرّر خلالها تمديد فترة الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة "لمدة يومين"، من دون أن يعلن عدد المترشحين السابقين.
وفيما علق المجلس جلسته إلى يوم غد، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس، عبد الله بليحق، في تصريح لقناة المستقبل التابعة للمجلس، إن جلسة اليوم قررت "تكليف رئيس للوزراء بتشكيل حكومة مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية"، على أن يُمدّد "قبول ملفات الترشح ليومين، لإعطاء الفرصة لمن يرغب في الترشح"، وأوضح بليحق أن الخطوات التالية لتسلم ملفات المترشحين، سيجرى فيها استدعاؤهم "لسماع برنامج كلٍ منهم وخطة عمله، قبل أن تحدّد جلسة لاختيار رئيس الحكومة ويكلف بتشكيل حكومة لعرضها على مجلس النواب لنيل الثقة".
وفي مفتتح جلسة اليوم حثّ صالح، في معرض كلمته، مجلس النواب على الاضطلاع بـ"واجبه وتجنّب حدوث فراغ في السلطة في المنطقة الغربية"، وقال "سنمضي في اختيار الحكومة بالتشاور والتشارك مع مؤسّسات الدولة الشرعية، مع الحفاظ على التوازنات الدولية والداخلية"، وأشار صالح إلى أن عدداً من المترشحين قدّموا ملفاتهم للترشح، مقرونة بتزكيات من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، مؤكداً أن أكثر من 50 نائباً قدّموا طلباً لرئاسة مجلس النواب "بالإسراع بتشكيل حكومة موحدة".
ويتهم مجلس النواب حكومة الوحدة الوطنية بفرض نفسها كأمر واقع بسبب الاعتراف الدولي، وإحداث انقسام حكومي، ما يحتم تشكيل حكومة موحدة للبلاد يمكنها العمل في كامل أنحاء البلاد للإشراف على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وهاجم صالح، خلال كلمته، الحكومة في طرابلس، متهماً إياها باستخدام الرصاص ضد المتظاهرين الذين خرجوا، ليل الجمعة الماضية، للمطالبة بإسقاطها، وقال "ما حدث في طرابلس جريمة بكل المقاييس يعاقب عليها القانون الليبي والدولي، ويجب محاكمة مرتكبيها"، مضيفاً: "من يفكر في إرهاب وتخويف شعبه ليس من حقه القيادة". وفيما أكّد صالح أن مجلس النواب "منحاز" لمطالب المتظاهرين لإسقاط الحكومة منتهية الولاية، استعرض علاقة مجلس النواب بالحكومة، قائلاً إنها "بُنيت على باطل منذ لحظة اختيارها في جنيف (انتخاب الحكومة في ملتقى الحوار السياسي بجنيف).. اختيارها كان مشوّهاً ومشبوهاً، وقد شهد عليه المجتمع الدولي والليبيون"، وإنّ مجلس النواب "لم يتوقف عن نصح الحكومة كي لا تستمر في الفساد وأخطائها الجسيمة، إلى أن اضطررنا إلى سحب الثقة منها"، في إشارة إلى قرار مجلس النواب في سبتمبر 2021 بسحب الثقة من الحكومة.
ومضى قائلاً "هذه الحكومة منعدمة منذ ثلاث سنوات، لأسباب عدّة منها فشلها في أن تكون حكومة وحدة حقيقية، وانكفاؤها على نفسها إذ لا تسيطر إلّا على مقرها في طرابلس". وفي تعليق على المواجهات المسلحة التي شهدتها طرابلس، الأربعاء الماضي بين قوات الحكومة وقوة الردع، التي أعقبت عملية عسكرية نفذتها قوات الحكومة ضد جهاز دعم الاستقرار، في إطار ما سماه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بعملية "إنهاء المليشيات" في طرابلس، اتهم صالح الحكومة بأنها من "شرّعت المليشيات الخارجة عن القانون، ودعمتها بأموال الليبيين، وقوّتها بدل تفكيكها ودمجها في أجهزة نظامية، ثمّ خلقت صدامات بينها وسط مناطق السكان المكتظة في طرابلس".
وفيما توافقت مداخلات النواب، خلال الجلسة، مع طلب صالح بضرورة إخضاع حكومة الوحدة الوطنية للتحقيق، واتهامها بالمسؤولية حيال المواجهات الدامية التي شهدتها طرابلس الأيام الماضية، اختلفت مواقفهم بشأن تشكيل حكومة موحدة للبلاد. وشدّدت مداخلات النواب على ضرورة التواصل مع المجتمع الدولي لضمان الاعتراف بأي حكومة جديدة، وعدم تكرار نموذج الحكومة التي كلفها مجلس النواب ولم تتمكن من الدخول إلى طرابلس، بسبب رفض حكومة الوحدة الوطنية مغادرة السلطة واستمرار المجتمع الدولي في الاعتراف بها.
وحذّر النواب من أن يتسبب تشكيل حكومة جديدة، دون اعتراف دولي، بتعميق الانقسام الحكومي الحاصل حالياً في البلاد، وطالبوا بضرورة التنسيق مع البعثة الأممية كأحد الوسائل للوصول إلى الاعتراف الدولي. ومن العراقيل التي ناقشتها الجلسة، مسألة الانقسام الذي يعانيه المجلس الأعلى للدولة، وشدّدوا على أهمية مساعدة مجلس الدولة على تجاوز أزمة انقسامه لتحقيق الشراكة السياسية معه في تشكيل حكومة موحدة، وفقاً لما نصّت عليه الاتفاقات السياسية المنظمة للعملية السياسية في البلاد.
وكان رئيس مجلس النواب قد أعلن، في بيان له الجمعة الماضي ليلاً، عن بدء "التنسيق مع مجلس الدولة على نحوٍ مستمر وعاجل لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة تباشر عملها خلال الأيام المقبلة"، في رد على دعوة وجهها إليه خالد المشري، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، أثناء المظاهرات المطالبة الجمعة الماضية باسقاط الحكومة، لتشكيل حكومة موحدة للبلاد خلال 48 ساعة. وعقب دعوة المشري، أصدر محمد تكالة، المتنافس مع المشري على رئاسة المجلس الأعلى للدولة، بياناً أعلن فيه رفضه ما وصفها بـ"الإجراءات الأحادية" لمجلس النواب في اختيار رئيس لحكومة جديدة، مؤكداً أن إجراءاته "غير ملزمة" لمجلس الدولة.
وقبيل انعقاد جلسة اليوم أصدر عدد من النواب بياناً أعلنوا فيه رفضهم لتغيير حكومة مجلس النواب، سواءً من "مجلس النواب منفرداً أو بالشراكة مع أحد أجنحة المجلس الأعلى للدولة المنقسم" في إشارة إلى المشري. وأكدوا في بيانهم على ضرورة "الشراكة بين مجلسَي النواب والدولة في اتخاذ القرارات السيادية، وعلى رأسها مسألة تغيير الحكومة"، وحذروا من أن تشكيل حكومة دون توافق "لا يعدو كونه محاولة لتكرار تجربة سابقة لم تحقق أي نتائج إيجابية في مجال توحيد السلطة التنفيذية"، في إشارة لتشكيل حكومة مجلس النواب الحالية التي تحولت إلى حكومة موازية.
إلى ذلك، كتب الدبيبة منشوراً اليوم الاثنين، هاجم فيه صالح، قائلاً "عقيلة صالح، مسعّر الحروب الذي تبنّى العدوان على طرابلس لأكثر من عام وشهرين، وساهم في شرعنة القصف والتدمير، يتحدث اليوم عن السلام في طرابلس بوجه لا يعرف الخجل". وأضاف الدبيبة أن "العدوان الذي أسفر عن أكثر من 3000 شهيد ودمّر البنية التحتية للمدينة، لم يكن سوى نتيجة مباشرة لمواقف وتحريض هذا الرجل، الذي لا يزال يحاول تلميع تاريخه السياسي على حساب دماء الليبيين".
ووجه خطابه لصالح، قائلاً "دعوتنا لك مجدداً يا عقيلة: قبل أن تتشدق بالحديث عن طرابلس وسلامها، التفت إلى المجلس المنهك الذي تقوده بلا نصاب ولا شرعية حقيقية"، في إشارة إلى تناقص نصاب مجلس النواب من 200 إلى 158 نائباً بعد استقالات ووفاة بعض الأعضاء، وختم قائلاً لصالح: "التفت إلى نوابك المغيبين، استنكر على الأقل خطفهم وتغييبهم، تحدث لأهلهم وقبائلهم عن مصيرهم، فالحقائق المرتقبة لا ولن ترحم سكوتك عنهم".
وكان الدبيبة قد وجه كلمة إلى الليبيين، ليل السبت الماضي، اتهم فيها صالح والمشري وقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، بتعزيز سلطة المليشيات في البلاد وإبقاء الليبيين "تحت وطأتها" والاستفادة من الفوضى للبقاء في المشهد، مؤكداً أن العملية العسكرية التي نفذتها قوات حكومته ضد جهاز دعم الاستقرار، وتمكنت خلالها من إسقاطه، "بداية انطلاق مشروع إنهاء المليشيات"، وأن هذا المشروع "لن يتوقف، والآن أقول لقد انكسر حاجز الخوف".
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من البعثة الأممية حول الذهاب إلى اختيار رئيس لحكومة موحّدة، في ظل التصعيد العسكري والسياسي الحاصل مؤخراً في البلاد، خاصّة وأنها أعلنت البدء في مشاورات واسعة مع قادة الأطراف الليبية لرسم خارطة طريق سياسية جديدة من خلال مباحثة مخرجات اجتماعات اللجنة الاستشارية، المنبثقة عن مبادرة البعثة للحل السياسي، التي انتهت إلى التوصل إلى تصوّرات عدّة لحلحلة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي، بما فيها تشكيل حكومة موحدة للبلاد.

إعلان
تابعنا
ملفات