أين تتجه المواجهة مع الحوثيين في اليمن بعد توقف القصف الأمريكي ؟

30-05-2025 05:01:33    مشاهدات86

واي إن إن - متابعات

مع استمرار حالة التهدئة في البحر الأحمر بإيقاف الحوثيين هجماتهم، نتيجة لتفاهمات مع الولايات بوساطة عمانية، في المقابل استمرار هجمات العدو الإسرائيلي ضد الأهداف المدنية ردا على الهجمات الصاروخية للحوثيين التي لم تتوقف، يثير تساؤل عن مستقبل الاستقرار في المنطقة.
وشن العدو الإسرائيلي غارات الأربعاء الماضي على مطار صنعاء الدولي واستهدف المدرج ودمر آخر طائرة مدنية في المطار بعد وقت قصير من وصولها إلى المطار قادمة من مطار عمان الدولي، في تكررا لغارات سابقة استهدف المطار ردا على هجمات الحوثيين.
لكن كيف يرى المحللون في الصحافة الأمريكية والغربية، الهجمات الإسرائيلية على المقدرات الحيوية لليمنيين، ومستقبل الصراع مع جماعة الحوثي التي أصبحت تشكل تهديداً حقيقاً في البحر الأحمر، ويقول الحوثيين ان هجماتهم مرتبط بمواصلة حرب الإبادة في غزة، لكن إذا توقف الحرب هل يمكن ان يتوقف التهديد.
ويقول جو تروزمان، كبير محللي الأبحاث ومحرر مجلة "لونغ وور جورنال" التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الأمريكية أن رد إسرائيل على الحوثيين قد يبدو محدود النطاق، نظرًا للتعقيد العملياتي للمهمة.
ومع ذلك، فإن هذا الرد الذي يبدو مخيبًا للآمال، بحسب تعبيره، قد يُخفي دوافع أخرى. فقد أمضى سلاح الجو الإسرائيلي سنوات في التحضير لضربة محتملة على البنية التحتية النووية الإيرانية - وهي عملية تتطلب دقةً على مسافة بعيدة. وفق مركز الأبحاث الأمريكي «FDD».
وفي هذا السياق، يرى تروزمان أن الضربة في صنعاء قد تحقق غرضًا مزدوجًا: ألا وهو تكبيد الحوثيين ثمنًا باهظًا لهجماتهم المتكررة على إسرائيل، بالإضافة إلى كونه بروفة حية لعملية جوية مستقبلية ضد إيران". وكانت كشف تسريبات أمريكية ان إسرائيل تجهز لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
بالنسبة ل بريدجيت تومي، محللة أبحاث في المؤسسة ذاتها ترى أن على الولايات المتحدة وشركائها دعم التدابير الرامية إلى عزل الحوثيين من خلال فصل نظامها المالي عن الخدمات المصرفية الدولية، ومعاقبة قادتهم والشركات التي يسيطرون عليها، وقطع طرق التهريب التي يستخدمونها.
وحذرت من أنه إذا سُمح للحوثيين بإعادة بناء ترسانتهم، كما يعتزمون هم وداعموهم الإيرانيون، فسيظلون يُشكّلون تهديدًا للشحن التجاري في البحر الأحمر، ولإسرائيل، وللمصالح الأمريكية." حسب اعتقادها.
غموض الحوثيين
من جانبها رأت افتتاحية صحيفة daily Sabah التركية "إن وقف إطلاق النار بين الحوثيين والولايات المتحدة والتوترات المستمرة مع إسرائيل تثير تساؤلات حول الاستقرار الطويل الأمد في اليمن والشرق الأوسط بأكمله" ولفتت أن "الحوثيين يحافظون على أقصى قدر من النفوذ".
واعتبرت الصحيفة أن الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء منذ عام ٢٠١٤، برزو كقوة فاعلة عابرة للحدود لأول مرة منذ نوفمبر ٢٠٢٣، قبل ذلك، كان تركيز الحوثيين منصبًّا بالدرجة الأولى على اليمن بدلًا من سمعتهم العابرة للحدود، التي اتسمت بطابع سلبي إلى حد كبير.
إلا أنهم حوّلوا مؤخرًا مهاجمتهم لإسرائيل إلى تعبئة عسكرية عابرة للحدود بزعم دعم فلسطين، وفي منتص مارس بدأت إدارة دونالد ترامب استهداف الحوثيين عسكريًا تحت مسمى "عملية الفارس الخشن"، قبل أن تعلن في السادس من مايو/أيار إيقاف الهجمات بوساطة عُمانية وقف الحوثيين هجماتهم على السفن الأمريكية.
إلا أن قادة الحوثيين أوضحوا على الفور أن الهجمات على إسرائيل أو السفن وناقلات النفط التي يعتبرونها "مرتبطة بإسرائيل بأي شكل من الأشكال" ستستمر بلا هوادة. ورأت الصحيفة التركية "يعكس هذا التناقض الواضح بين خطاب الولايات المتحدة والحوثيين يعكس إصرار الحوثيين على الحفاظ على تضامنهم مع غزة، واستخدامهم الاستراتيجي للغموض للحفاظ على أقصى قدر من النفوذ".
التوقعات المستقبلية
ووفق افتتاحية الصحيفة التركية "من المرجح أن يمنح ما يُسمى بوقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة الحوثيين فرصةً لإعادة بناء قواتهم وتجديد مخزوناتهم من الصواريخ والطائرات المُسيّرة من خلال مزيج من الشحنات الإيرانية والإنتاج المحلي".

في موازاة ذلك، يبدو أن روايتهم الأيديولوجية، التي تُصوّر هجماتهم على أنها أعمال تضامن مع غزة، فعّالة في التجنيد والتماسك الداخلي، وسواءٌ كان ذلك جزءًا من روايتهم السياسية أو عرضًا حقيقيًا للحماس.
لذلك، ما يُستدل عليه من هذه الأشكال من التعبئة المجتمعية التي يقوم بها الحوثيون هو أن أي وقف لإطلاق النار بين الجماعة والولايات المتحدة، كما أشار ترامب، هشٌّ بطبيعته، ومن المرجح أن يكون قصير الأمد، ويعتمد على ظروف محددة. وفق الصحيفة التركية.
ورأت الصحيفة "في غياب تسوية سياسية شاملة في اليمن، تشمل الحوثيين في كلتا الحالتين، فإن الحركة على أهبة الاستعداد للبقاء طرفًا فاعلًا مستدامًا وغير متكافئ، قادرًا على التصعيد الدوري ضد المصالح البحرية الإسرائيلية والغربية، مع ترسيخ سيطرته على شمال غرب اليمن".

الخطط الأمريكية مقابل الإسرائيلية

في الأيام الأخيرة، ظهرت تقارير تُشير إلى انهيار المحادثات بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يُثير احتمال أن يبدأ ترامب باتباع سياسة شرق أوسطية مستقلة عن نتنياهو.

من هذا المنطلق، يتضح أن سياسات ترامب تجاه الحوثيين قد تختلف اختلافًا كبيرًا عن سياسات إسرائيل ينظر الحوثيون إلى كلا الطرفين من منظورين مختلفين، ويستجيبون باستراتيجيات ومنهجيات سياسية مختلفة.

عند تلك النقطة، كانت الولايات المتحدة قد عدّلت نهجها تجاه الحوثيين ليشمل حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، فشنّت ضربات جوية مكثفة لإجبارهم على وقف الهجمات على السفن التي ترفع العلم الأمريكي، تلتها مباحثات دبلوماسية بوساطة عُمانية.

ومن المرجح أن تُبقي واشنطن على الدوريات البحرية متعددة الجنسيات، وتضغط من أجل تشديد تطبيق حظر الأسلحة، وتدرس إمكانية إشراك ممثلي الحوثيين في إطار حكم انتقالي - وهي سياسة يمنية شاملة تجمع بين الضمانات الأمنية والحوافز السياسية.

مع ذلك، أشارت إسرائيل إلى نيتها تصعيد الضربات المستقلة في اليمن، مستهدفةً مواقع صواريخ الحوثيين، ومراكزهم اللوجستية، ونقاط نقل الأسلحة الإيرانية المشتبه بها، وهي إجراءات تعتبرها منفصلة عما يُسمى بالهدنة الأمريكية.

وتتضمن العقيدة الإسرائيلية تجاه الحوثيين "ردًا متناسبًا" وردعًا من خلال الضغط المستمر، بما في ذلك شن غارات جوية عميقة على البنية التحتية لصنعاء، أو حتى على منشآت إيرانية في البر الرئيسي، إذا استمرت هجمات الحوثيين. ومنذ الأسبوع الأخير من مايو/أيار، تستمر الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين وهجماتهم في عمق الأراضي الإسرائيلية.

هل يمكن هزيمة الحوثيين؟

واعتبرت الصحيفة التركية "أن سنوات من الحرب المكثفة في اليمن أن الهزيمة العسكرية الكاملة للحوثيين تبدو مستبعدة للغاية ومكلفة للغاية بالنسبة لجميع الأطراف المشاركة في هذه العملية. إذ أن هيكل قيادة الحوثيين، الذي يعتمد على أسلوب حرب العصابات، وسيطرتهم تجعلهم قادرين إلى حد ما على الصمود في وجه القوة الجوية وحدها".

علاوة على ذلك، فإن قدرتهم على تشتيت خلايا الإطلاق، وتكييف التكتيكات، والاستفادة من الرعاية الخارجية، تعني أن الحملات النشطة، حتى على نطاق عملية "الراكب الخشن" التي شنتها الولايات المتحدة، لن تؤدي إلا إلى إضعاف التهديد، لا إلى القضاء عليه.

يسيطر الحوثيون أيضًا على مرتفعات وعرة ومراكز حضرية مكتظة بالسكان في شمال غرب اليمن، وهي تضاريس تُفضّل دفاع المتمردين على القوة الجوية التقليدية. وقد أثبتت سوابق تاريخية سابقة، مثل حروب صعدة، أن القوة الجوية والعمليات البرية العرضية لم تُلحق بهم سوى انتكاسات قصيرة الأمد، حيث انزوى المقاتلون في معاقلهم الجبلية والمناطق المدنية.

يعمل الحوثيون من خلال ألوية شبه مستقلة مرتبطة بشبكات قبلية ومحلية بدلاً من هرمية مركزية واحدة، يمنح هذا الهيكل الحركة مرونة: فعندما يتم إضعاف خلية واحدة، يمكن للآخرين إعادة بناء قدرات الإطلاق أو الاضطلاع بدورها العملياتي.

ولهذا السبب، فإن الغارات الجوية والقصف البحري، على الرغم من قدرتهما على تدمير مواقع الإطلاق ومستودعات الأسلحة، لا يمكنهما قطع جذور الحركة السياسية أو قدرتها على تجنيد وحكم جزء كبير من اليمن.

إجمالاً، يمكن للعمليات العسكرية أن تُضعف قدرات الحوثيين مؤقتًا، لكن من غير المرجح أن تقضي على الحركة تمامًا. وبدلاً من ذلك، سيعتمد الاستقرار العسكري والسياسي الدائم في اليمن على الجمع بين القوة المحسوبة والحوافز السياسية التي تعالج المظالم.

يمن شباب نت - ابو بكر الفقيه

إعلان
تابعنا
ملفات