من المفاهيم الحديثة السياسة العسكرية..

10-08-2020 12:47:39    مشاهدات301
   مصطفى القحفه 
  تعتبر السياسة العسكرية من المفاهيم الحديثة التي ارتبطت ارتباطا مباشرا بالفكر السياسي والعسكري معا ولما لها من ارتباط بمدى تغير العلاقات الدولية وما ينتج عنها من صراعات دولية تستند أساسا على الهيمنة بالقوة العسكرية فكرا وعلما الأمر الذي جعل السياسة العسكرية أحد أبرز مكونات السياسة العامة للدولة الداخلية والخارجية.

كما تعرف أيضا بمجموعة الآراء والمفاهيم العلمية عن طبيعة الحرب وطرق تنفيذها ووجهات النظر المتعلقة ببناء وتنظيم واستخدام سياسة القوة العسكرية لتحقيق الهدف السياسي العسكري الذي ينبع بدورة من الهدف القومي الذي ترسمه الاستراتيجية العامة للدولة وهو بدوره ينبع من الغاية والهدف القومي لأي دولة تبحث عن موطئ قدم لها على الخريطة العالمية.

وقد تطورت وسائل الصراع البشري العسكري حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم وأصبحت الحرب الحديثة والمعاصرة بالغة الخطورة شديدة التدمير باهظه التكاليف ماديا وبشريا.

ومع إزدياد الصراعات الدولية باتت الحرب أشبه بظاهرة اجتماعية سياسية معقدة لا يمكن تجنبها إذ أنها تنطلق من منطلقات عدة مثل حب التوسع والسيطرة والهيمنة بحثا عن المطامع الاقتصادية والتجارية وغير ذلك من الأطماع الاستعمارية التي صارت تتحكم بحياة الشعوب النامية والفقيرة.

وقد أدرك اليمنيون منذ بداية محاولاتهم لتغيير نظام الحكم الكهنوتي أنه يجب الاعتماد على ضباط عسكريين للقيام بالإطاحة بحكم الإمام في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ثم عمدوا إلى تغيير الواقع الاجتماعي قدر المستطاع عبر إجراء تحالفات قبلية تسهم في تغيير الوعي السياسي القبلي وتدفع به إلى رفض ومقاومة النظام المتخلف والعبودي الذي كرسته الإمامة، والانطلاق بعد ذلك لمواجهة التحديات التي تمر بها اليمن.

وبفضل أولئك الضباط الأحرار والمناضلين من أبناء الوطن جرى العمل على تأسيس جيش يمني وطني ومتطور متجاوزا مخلفات الإمامة والاستعمار والحفاظ على منجزات الثورة اليمنية (سبتمبر و أكتوبر) وفي مقدمتها الوحدة اليمنية، كأهداف استراتيجية مرتبطة بأهداف مرحلية طبقاً لمراحل الصراع المسلح واستطاعت القوات المسلحة اليمنية رغم التحديات السياسية الفكرية والأجندات الصراعية التي شهدها اليمن أن تستوعب الكثير من متطلبات التفوق العسكري فكرا وعلما وتنظيما وتدريبا وتسليحا وشمل كل أصناف القوات المسلحة دون استثناء.

ونتاجا للمؤامرة الكبيرة التي استهدفت الدولة اليمنية أرضا وشعبا ومؤسسات قامت عصابة التمرد والانقلاب الحوثية المدعومة إيرانيا بالسيطرة على مؤسسات الدولة واولها المؤسسة العسكرية اليمنية ثم سيطرت على موارد الدولة وأعلنت تمردها وشن حربها على الوطن والشعب وأعادت اليمن إلى واقع أكثر سوءا مما كانت عليه من التخلف والفقر والمرض والفوضى التي لا يمكن لأي وطني أن يقبل بها لأنها أوصلت المواطن إلى حالة كارثية ومأساوية غاية في الصعوبة وفي شتى مجالات الحياة.

وهو ما جعل استعادة الدولة ومقوماتها ومؤسساتها هو التحدي الاكبر لكل اليمنيين خاصة بعد أن طالت فترة القضاء على مليشيا الحوثي الانقلابية ولأسباب عدة ابرزها: بروز تحديات جديدة وإضافية أمام الجيش والشرعية اليمنية في أكثر من محافظة أعاقت وشتت بمجملها الجهود الرامية لإنهاء التمرد الحوثي واستعادة الدولة ومؤسساتها وبناء اليمن الاتحادي الحديث والذي بات اليوم أكثر صعوبة من ذي قبل نتيجة لما أصاب الواقع اليمني من جروح وشقوق اجتماعية ومشاكل اقتصادية تستدعي جميعها إرادة يمنية جمعية من مختلف الأطراف والمكونات السياسية والاجتماعية اليمنية.

وهذا لا يتأتى إلا بالالتفاف الجمعي حول مشروع استعادة الدولة وتطبيق مخرجات الحوار الوطني التي توافقت عليها جميع المكونات السياسية اليمنية وأيدها المجتمع الدولي والإقليمي.

إن الدور الذي يقوم به أبطال الجيش وبدعم رجال القبائل الأحرار في مختلف الجبهات ومعهم كل المكوناتها السياسية والاجتماعية لا شك سيأتي بالنصر المبين مهما حاول أعداء الوطن وزارعو الفتن إعاقة تلك الجهود الوطنية المخلصة والهادفة لاجتثاث المشروع الحوثي الإيراني الذي لا يهدد اليمن بل والمنطقة برمتها كما أن اليمنيين لا يمكن آن يقبلوا بأن يحكموا بالاستبداد ولن يرضخوا لمن يريد استعبادهم بدعوى الحق الإلهي أو تحت أي مبررات أخرى.

نحن نراهن اليوم أكثر مما مضى على المكونات السياسية الداعمة لاستعادة الدولة والشرعية لأنها هي المعنية اليوم مع أشقائنا في التحالف بتحقيق علاقة تعاون وتكامل تقوم على تحقيق المصالح المشتركة للجميع وأن استقرار اليمن الجمهوري الديموقراطي الاتحادي هو ما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والعربي.

إعلان
تابعنا
ملفات