مـــارتــن جــريــفــث ..والـــســـلام الــمــزعـــوم!

31-08-2020 04:12:53    مشاهدات821


جبران حيدرة


       بات من المقطوع به يقينًا أن التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي إلى اليمن (مارتن جريفث ) هدفها إنقاذ الإنقلابيين مما هم فيه لاستعادة أنفاسهم من جديد في ظل الضربات الجوية الموجعة لدول التحالف العربي والانتصارات البرية المباركة التي يحققها أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في أكثر من جبهة وخاصة جبهة مأرب والجوف والبيضاء .. وكما هو معلوم وأثبتته التجارب السابقة أن الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في اليمن دورٌ سلبي للغاية فالأمم المتحدة ومنذ تأسيسها تدير الصراعات لكنها لا تحلها وبالأخص في البلدان العربية والإسلامية التي تشهد الصراعات ، وما هذه التحركات والضغوطات وفي هذا التوقيت بالذات برأيي إنما بإيعازٍ من قوى الاستكبار والاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل اللتان من مصلحتهما إطـالـة أمـد الـصـراع في اليمـن والتي يعد الانقلابيين بالنسبة لهم بمثابة الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا ، فأنى لهم أن يفرطوا بهذه الدجاجة الثمينة..!!
ومن هذا المنطلق سنحاول أن نقرأ الأبعاد السياسية لهذه التحركات وأثرها على سير الأحداث في اليمن على الصعيدين الداخلي والخارجي ..

• أولا: خطورة الدور والسيناريو الذي يقوم به المبعوث الأممي مارتن جريفث :
       تكمن الخطورة من هذا التحرك في التوقيت خاصة بعد التطورات العسكرية على الأرض بعد عزم الشرعية مدعومة بقوات التحالف العربي تحرير ميناء الحديدة الذي يعد الشريان الوحيد المتبقي الذي يتغذى منه الانقلابيون والذي يتم من خلاله تهريب الأسلحة بما فيها الصواريخ الباليستية والحرارية تحت مرأى ومسمع من العالم أجمع بما فيهم الأمريكان أنفسهم وبما أن التحرير بات قاب قوسين أو أدنى ولأنهم يريدون أن يبقى الانقلابيين على رأس السلطة خدمة لمصالحهم سعوا ويسعوا جاهدين عن طريق المبعوث الأممي ( مارتن جريفث) الدعوة إلى السلآم المزعوم وقد قام بالفعل بدعوة جميع أطراف النزاع لإيقاف الحرب فورًا والعودة إلى طاولة الحوار المرتقب في جنيف ، وهذه الدعوة كما هو معلوم ليست إلا خدعة كبيرة سبق أن جربت من قبل واتضح فيما بعد أنها أوهام ومحاولات للقبض على الريح، هذه المحاولات هدفها الأول والأخير كما ذكرنا آنفا إنقاذ الانقلابيين وهي عبارة عن استراحة محارب وإعادة تموضع واختراقات للمواقع الذي سبق وأن خسروها وتمت السيطرة عليها وتحريرها من قبل أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لا أقل ولا أكثر!.
والغريب في الأمر أنها تمت الموافقة مبدئيا على الدعوة من قبل الشرعية ودول التحالف العربي بعد كل كل المفاوضات والتجارب السابقة الفاشلة..!!!
وبالتالي إن تمت الموافقة بذلك -لا قدر الله- من قبل الشرعية بدون الشروط المسبقة أقصد المرجعيات الثلاث ستوقعهم في شرك وبراثن الفخ الأمريكي الإسرائيلي الغربي اللعين مرة أخرى الأمر الذي سيؤثر سلبًا على سير عملية تحرير ما تبقى من المحافظات وسيؤهلهم - أقصد الانقلابيين - لفرض دور محوري وفرض مشروعهم كأمر واقع لا مفر منه الأمر الذي سيؤثر سلبًا على دول الجوار وتهديد أمنها القومي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية المستهدفة الأولى والأخيرة من هذه الحرب و من هذه المؤآمرات وإن لم يكن ذلك بشكل معلن والتي قد خسرت الغالي والنفيس من أجل وأد هذآ المشروع الخبيث بقطع أذرع إيران في اليمن والمنطقة و إلى غير رجعة..
والشيء الذي يبعث على الحزن أن الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وداعميها من دول التحالف قد وافقت مبدئيا على هذه الخدعة الكبيرة التي سبق أن جربوها مرارا وتكرارا ولم تحقق أي نجاح يذكر مع الانقلابيين ، وتبين أن اللغة الوحيدة التي يفهمونها هي لغة القوة دون سواها.. وبالتالي إن تمت الموافقة عليها ستدخلنا في متاهات لا نستطيع الخروج منها البته..

•ثانيا : هل بمقدور الشرعية ودول التحالف تجاوز هذا الفخ........؟
      لو عدنا إلى الوراء قليلا وبالتحديد بداية الحرب على السلفيين في دماج ، أما كانت تحت مرأى ومسمع من العالم أجمع وعلى رأسها الأمم المتحدة دون أن يحرك العالم ساكنا وبعدها ما الذي حدث؟؟ سقطت عمران وصنعاء وبقية المحافظات تحت إشراف المبعوث الأممي السابق السمسار (جمال بن عمر) وكل هذا وذاك وقع تحت أنظار المجتمع الدولي الذي تجاهل كل تلك الأحداث نزولًا عند رغبة الغرب وعلى رأسها إدارة البيت الأبيض والتي وضعت اليمن أرضًا وشعبًا في عزلة دولية كشكل من أشكال العقاب على هذا الشعب العظيم الذي رفض ألا يركع إلا لله رافضًا تخليه عن ثوابته ومبادئه ليعيش بعدها أزمة حقيقية بكل تبعاتها وبكل ما تحمله الكلمة من معان..
ومن جانب آخر يرى البعض أن هذا الدور الأممي الذي تحركة الإدارة الأمريكية له الكثير من الأسباب والدوافع والأهداف أبرزها وفي مقدمتها الإخفاقات التي منيت بها السياسة الأمريكية في تمرير مشاريعها في المنطقة ومنها صفونة اليمن كجزء من مشاريع واشنطن الإستراتيجية مع حليفتها غير المعلنة جمهورية إيران اللآ إسلامية الصفوية..
لولا الرعاية الإلهية الذي من الله بها علينا بالتدخل الفوري لدول الجوار وتشكيل تحالف عربي إسلامي برئاسة مملكة العروبة والإسلام لمجابهة هذا المشروع الخبيث دون علم واشنطن والذي بدوره أجبر واشنطن وصناع القرار فيها على البحث عن أدوار أخرى شرعية بغرض توطيد التحالف مع الانقلابيين وتثبيتهم على رأس السلطة في اليمن لخلط الأوراق وجعل اليمن مسرحًا لعمليات رد الإعتبار لمكانتها كدولة عظمى ، وبالفعل إن وافقت الشرعية ودول التحالف العربي على هذا السيناريو المحتمل فسيكون اليمن مسرح عملياتي جديد وفق المنطق الإستراتيجي الغربي لا سيما ونحن قادمون على استراتيجيات وحرب باردة جديدة بين البيت الأبيض بقيادة الجمهوري المتطرف المعتوه(ترامب) والدب الروسي ، وكل سيخلط الأوراق وإعادة ترتيبها حسب مصالحه ، وعليه فإن اليمن هي المسرح الأمثل لأكثر من سبب :
وجود جماعات إسلامية متطرفة وهذا سبب بحد ذاته يكفي لنسج ذريعة لتدخل أمريكي محتمل تحت البند السابع بحجة محاربة الإرهاب وحتى لا تصبح اليمن خطرًا على الأمن القومي الأمريكي!!
وثمة مزاعم ومبررات أخرى مثل : تأمين و حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن التي بدأت تطبقة المليشيات الإيرانية على أرض الواقع بالفعل باستهدافها السفن التجارية كان آخرها كما شاهدنا سفن النفط السعودية.....إلخ.
ولأن واشنطن ابتكرت كل هذه المفاهيم لأهداف استراتيجية لا علاقة لها بخطابها المعلن ولا بالقيم والشعارات التي تسوقها وتروج لها.. وبما أن كل هذه المفاهيم قد تعثرت وأخفقت في تحديد كل المسارات أرسلت سمسارها جريفث لحلحلة الأزمة التي لا تريد انهائها مطلقًا وهذه المرة ليس برغبة واشنطن وإنما برغبة اليمنيين أنفسهم بالإضافة إلى دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وبالقبول مثل هذا السيناريو والمسرحيات الهزلية سيقع الجميع في شرك وفخ لا يستطيع أحد الفكاك والخروج منه بيسر وسهولة ..
لذلك نناشد الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وقيادات دول التحالف العربي ألا يقبلوا بهذه الإملاءات و السيناريوهات والمسرحيات الهزلية حتى لا يقعوا في هذا الفخ اللعين مرة أخرى وعدم القبول مطلقا بإيقاف الحرب ، وألا يقبلوامجددا بالعودة إلى الخدعة الكبرى أقصد خدعة المفاوضات والمشاورات والحوار وتجريب المجرّب مرة أخرى ومواصلة الخيار الأمثل والأنجع والأنجح إن أردتم كسرهم وإذلالاهم وهزيمتهم وإبادتهم ألا وهو الخيار العسكري حتى التحرير الكامل لا سيما بعد الانتصارات المباركة التي تحققت على الأرض ، وهاهم بالفعل يلفظون أنفاسهم الأخيرة لولا مؤامرات الأعداء و ضغوطاتهم وتدخلاتهم السافرة الظالمة لقُطعت أذرع إيران و انتهى مشروعهم في اليمن والمنطقة إلى الأبد..
وفي حال قبلوا بهذه الضغوطات والسيناريوهات والمسرحيات المملة التي لا تنتهي فإن المعادلة الدرامية حتمًا ستضعهم أمام عدة خيارات أهمها:
استمرار الحرب وإطالة أمد الصراع وتسليم البلاد للوصاية الدولية ممثلة بالمشروع الصفوي الإيراني الذي سيؤثر سلبًا على دول الجوار وأمنها القومي وسيجعل من اليمن فريسة لها و لقوى النفوذ الدولي ومسرحًا لعملياتها العسكرية والأمنية وهذا ما ترغبه واشنطن بإدارة الجديدة بقيادة المعتوه ترمب الذي يرى في اليمن كرته القادمة كوسيلة تجدد بها شعاراتها الزائفة حتى الوصول إلى مكة المكرمة التي تسبب لهم جميعا الصداع المزمن ، والأمل كل الأمل أن يدرك المعنيون ذلك.. اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد . .وإلى لقاء يتجدد.
إعلان
تابعنا
ملفات