فرض المحاصصة لتكريس الوضع الشاذ

فرض المحاصصة لتكريس الوضع الشاذ

01-11-2020 11:57:51 مشاهدات568

رشاد المخلافي

لقد عمل التحالف منذ البداية على إضعاف الشرعية وتشظيها وتلاشي نفوذها داخل المناطق المحررة بتشكيل كيانات مليشاوية موازية عملت على تصفية وجودها وكذلك محاربة صقورها وفرض شخصيات إنتهازية أمتهنت سلوك المتاجرة والتسول والخيانة، والآن يكرس التحالف الوقع السياسي والأمني الهش في مناطق الشرعية من خلال فرض الشق السياسي في اتفاق الرياض ولحقاته والقفز على شقه العسكري والأمني، وهو الأهم الذي يرتكز عليه أي حل سياسي جاد وحتى وفقا للمبادره برغم بنودها المجحفة، ولعل الانتقال إلى التشكيل الحكومي ، كحكومة محاصصة بين قطبي التحالف التي يغيب فيها اليمن وشعبه وسيادته الوطنية ومصالحه العليا.

من الواضح أنه ومنذ انقلاب عدن الذي استند إلى انقلاب صنعاء كان هدف التحالف الابقاء على الوضع العسكري والأمني كماهو ، يعني بقاء الوضع داخل المناطق المحررة هشا ، مع استمرار سيطرة مليشيا الحوثي وإيران على المحافظات الشمالية، واستمرار المناطق المحررة مناطق مفخخة بكيانات مليشاوية ، كانت صناعة تحالف دعم الشرعية نفسه الذي عمل على تشكيلها وتسليحها جيدا كأدوات محلية موجهة ضد الدولة والشعب وتشتغل وفق أجندات ورغبات وأطماع الأشقاء على حساب معركة اليمن المصيرية في تحرير الشمال من مليشيا الحوثي والإحتلال الفارسي ، وعلى حساب وحدته وأمنه واستقراره وسيادته على كامل ترابه الوطني أيضا.

فقد شهدت الأسابيع الماضية تحركات متسارعة للتحالف، مارس من خلالها ضغط وابتزاز كبير على قيادة الشرعية داخل أروقة ودهاليز فنادق الرياض، من أجل الخروج بتوليفة حكومية تكون أكثر سوء من سابقتها بعد استبعاد صقور الشرعية منها، وإذا ماتم تمرير ذلك سيكون المسؤول الأول أمام الشعب والأجيال هو رئيس الجمهورية نفسه.

وفي السياق نفسه وبالتزامن معه تأتي التحركات البريطانية في ممارسة الضغوط على الشرعية بواجهة أممية للقبول بالوضع القائم في الشمال ، ولعل وقاحة السفير البريطاني عبر تصرفاته الذي عبر عنه تصريحه الأخير ووصل الأمر إلى حد إصدار الأوامر لرئيس الجمهورية الرئيس هادي وهو رئيس دولة شرعي معترف به إقليميا وعالميا، طبعا لم يأتي خروج السفير البريطاني عن اللياقة الدبملوماسية والأدبية والأعراف والبروتوكولات والتقاليد الدبلماسية المعمول بها في العلاقات السياسية بين الدول من فراغ لأن هناك توجه إقليمي دولي تقوده بريطانيا والإمارات وإيران لتقسيم اليمن ، ففي تصريح السفير الأخير الذي جاء بصيغة الأمر إلى رئيس الجمهورية في محاولة لفرض طبخة المبعوث الأممي البريطاني جريفيثس وهو مايسمى" الإعلان المشترك" الذي صاغه مع الانقلابيين الحوثيين في محاولة لشرعنة مليشيا الحوثي بشكل كامل متجاوزا جريمة انقلابها على الدولة وتبعات هذا الانقلاب كونها مليشيا اغتصبت المؤسسات بقوة السلاح وشنت حربها المدمرة على الشعب اليمني ، يحاول المبعوث البريطاني وليس الأممي شرعنة سلاح مليشيا الحوثي وفرض وجودها كطرف سياسي طبيعي وسلطة أمر واقع في المناطق الشمالية ، بعد فشل أتفاق ستوكهولم الذي أنقذها وخدمها وخدم طموح إيران كثيران، هاهو يحاول التسويق لأعلان يقوم على شرعنه المليشيا وفرض التقاسم معها في السلطة والثروة والإبقاء على سلاحها الذي نهبته من مخازن الدولة للتمهيد لموجة صراع جديدة تكون أشد ، محاولة فرض أمر واقع يتجاوز المرجعيات الشرعية الوطنية والإقليمية والدولية على رأسها القرار الدولي رقم (2216) ، تأتي كل تلك الترحكات متكاملة وبمؤامرة بريطانية إيرانية بواجهة أممية لتفخيخ البلد وفصل شماله بحيث يكون تحت سيطرة مليشيا الحوثي وإيران وهو مخطط يقوم على مزيدا من التعقيد في المشهد اليمني وإغراق اليمن أكثر بمزيد من الصراعات والعنف وفق مخطط - بريطاني، إيراني، إماراتي- ثم تتفرغ فيه الإمارات بشكل مباشر وأكبر من ذي قبل ومن ورائها بريطانيا الاستعمارية لتقسيم مناطق اليمن الحيوية في جنوبه وشرقه والاستحواذ على ثرواته.

وليس ببعيد تأتي تحركات مليشيا الحوثي بضوء أخضر بريطاني من خلال مغامراتها الأخيرة وزج الالآف من عناصرها وسلاحها إلى محارق جبهات نهم شرق صنعاء وجبهات غرب مأرب وجبهات ماهلية ومراد برغم هزائمها المتواصلة على يد أبطال الجيش الوطني مسنودا بالمقاومة الشعبية الباسلة، من الواضح أن تحركات المليشيا تأتي في هذا السياق للضغط الشرعية وقبولها بالبيان المشترك ، وفي الوقت الذي تمارس مليشيات الانتقالي الإماراتية الانفصالية نفس الأسلوب في محاولة تفجير الوضع عسكريا بأبين من خلال فرض شروطها وبضوء أخضر من تحالف دعم الشرعية ودعمه أيضا.

تلك المشاريع القذرة المتمثلة في مليشيا الحوثي السلالية الإمامية الإيرانية في شمال الوطن ومليشيات الانتقالي القروية المناطقية الانفصالية الإماراتية في جنوبه الذي يستند كلا منهما على الأخر ويتضح ذلك من خلال التخادم الكبير بينهما، وهذا يؤكد أن من يدير المشهد العبثي في اليمن هو مخرج واحد، إلا أن يقظة الشعب وجيشه الوطني وقواه الوطنية الحية بمختلف توجهاتها التي رفضت المساومة بالسيادة الوطنية أو التنازل عن القضية الوطنية العادلة والتفريط بمصير اليمن ومستقبل أجياله قادرة على تغيير المعادلة و قلب الطاولة على كل الأطماع الخارجية وأدواته المحلية التي تمثلها المشاريع المحلية الصغيرة اللاوطنية مثل الحوثي والانتقالي.