بين اتفاق السلم واتفاق الرياض تكمن شرعنة الانقلاب

21-12-2020 09:52:54    مشاهدات255


عادل الشجاع

لا يغرنكم التأيد الدولي والعربي لحكومة معين ، فقبلها جاء التأيد الدولي والعربي لحكومة بحاح التي جاءت نتاج لاتفاق السلم والشراكة الوطنية وابتلعها الحوثي ومن ورائه إيران وحكومة معين سيلتهمها الانتقالي ومن ورائه التحالف العربي ، ومثلما اشتكى الحوثي من الظلم الذي لحق بأبناء المذهب الزيدي عموما ، والهاشميين منهم خصوصا من قبل حزب الإصلاح الذي يرتبط بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين ، وهي نفس الحجة التي يرفعها المجلس الانتقالي الذي يعتبر حزب الإصلاح حزبا إرهابيا بوصفه إخوان مسلمين .

لقي اتفاق السلم والشراكة ترحيبا دوليا وعربيا وهو لم يكن نتاج توافق سياسي ومع ذلك باركته الأحزاب التي كانت تعيش هبوطا سياسيا ، ماجعلها تخوض صراعا للحصول على مناصب وزارية ، ونفس المشهد يتكرر اليوم مع اتفاق الرياض الذي يحاول البعض تصويره على أنه توافقا سياسيا بينما هو ضغط سعودي إماراتي لتقليص ما تبقى من الشرعية ، فلم يتغير شيء سوى أن اللاعب في الاتفاق الأول كانت إيران واليوم السعودية والإمارات ، أما الطبقة السياسية الجشعة فهي نفسها والقيادات الحزبية الانتهازية نفسها أيضا .

المباركة التي حصل عليها إتفاق الرياض كان قد حصل عليها من قبل اتفاق السلم والشراكة ، وكالعادة يكون المزاج العام مستسلما للواقع الجديد ، لأنه لم يكن قد أدرك فداحة الأمر وتظل الآمال مشرعة للخروج إلى أفق إيجابي ، لكنه سرعان ما يصطدم بواقع التعطيل وبروز المصالح الخفية ، فيبدأ مرحلة التذمر من جديد .

لا شك أن الجميع مازالوا يذكرون أن الرئيس هادي كلف السفير السابق ووزير الخارجية الحالي أحمد بن مبارك بتشكيل الحكومة ، لكن الحوثيين رفضوا القبول به ، ورضخ الجميع والرئيس معهم من دون مقاومة ، وبالمثل اليوم كلف أحمد الميسري لوزارة الداخلية فرفض الانتقالي ورضخ الجميع والرئيس معهم من دون مقاومة ، وكأن التاريخ يعيد نفسه مع الفارق أن الحوثي انقلب على الشرعية في صنعاء والانتقالي انقلب عليها في عدن .

وبالتأكيد جميعكم يتذكر أن خالد بحاح شكل الحكومة الجديدة وأطلق عليها حكومة الكفاءات وضمت كثير من الأسماء التي لم تكن تملك أي تجربة سابقة في العمل السياسي أو الإداري وهو ما يتطابق مع الحكومة الحالية ، ولا ننسى أن الإشادة بحكومة بحاح أنها أدخلت عناصر جديدة لأول مرة من الحوثيين ، هو ما يردد اليوم حول الميزة الجديدة لحكومة معين أنها ضمت أسماء جديدة لأول مرة من الانتقالي .

الأسباب التي أدت إلى انهيار ٢١ مارس ٢٠١٤، هي نفس الأسباب التي أدت إلى انهيار ١٠ أغسطس ٢٠١٩ ، فقد تعاملت الأحزاب السياسية في كلا الموقفين مع القضايا الكبرى باسترخاء وعشوائية وتقديم المصالح الخاصة على المصلحة الوطنية ، ففي الأولى كانوا ينتظرون سقوط عمران بلا مبالة وفي الثانية ينتظرون سقوط مارب بلا مبالة أيضا ، ففي الوقت الذي يختصمون فيه على حصصهم في الحكومة كان الحوثي يدفع بعشرات الآلاف من عبيد القبائل لمهاجمة مارب .

في ٢٠١٤، كانوا يدمرون الجيش تحت مسمى عائلي ، وفي ٢٠٢٠ يدمرون تحت مسمى حزب الإصلاح ، ويمارسون نفس السقوط ، ومثلما كان ٢١ سبتمبر تتويجا منطقيا لمرحلة الابتعاد عن روح المسؤلية الأخلاقية تجاه الناس ، فإن سقوط عدن يعد تتويجا طبيعيا لنفس المنطق .

هل تستطيعون التمييز بين ترحيب مجلس الوزراء السعودي برائاسة ولي العهد نائب رئيس الوزراء في ذلك الحين الأمير سلمان باتفاق السلم والشراكة وترحيب السفير السعودي الحالي محمد آل جابر باتفاق الرياض وتشكيل حكومة ؟ أريد القول إن الترحيب شيء والعمل على الأرض شيء آخر .

ما تفعله المملكة العربية السعودية والإمارات في اليمن مبرر حتى لو كان تخريبيا ، لأنهما يسعيان إلى تحقيق مصالحهما ، لكن ماليس مبررا أن تتسابق القيادات السياسية والحزبية على تقديم اليمن لهذه المصالح الخارجة عن الشرعية الدولية وتسليم القرار اليمني للخارج .

والسؤال الذي يطرح نفسه : في ظل ما يجري والذي لم يعد السكوت معه مقبولا ، هل تصحو هذه القيادات وتطهر نفسها من التواطوء الذي لا يخدم حتى السعودية والإمارات ، لأن تحقيق المصالح بالقرصنة مهما طال أمره لابد أن يرفضه الشعب يوما ما ، واستمرار مصادرة القرار الوطني سيوسع من مساحة الحرب الأهلية وسيصب ذلك في مصلحة عصابة الحوثي الإرهابية .
إعلان
تابعنا
ملفات