قرارات بايدن الاخيرة..ما الذي تريده الإدارة الأمريكية في اليمن ؟(تحليل خاص)

13-02-2021 07:24:26    مشاهدات239


واي إن إن- تحليل:عمر جميل القباطي

في نهاية عام 2018م وبينما كانت قوات الشرعية على وشك السيطرة الكاملة على ميناء ومدينة الحديدة، ظهر وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيَين ودعيا إلى وقف إطلاق النار فورا والجلوس على طاولة المفاوضات، وفعلا استجابت جميع الأطراف للنداء أو بالأحرى للأمر الأمريكي بلا تلكؤ أو تقاعس، وذهبوا إلى السويد ووقعوا هناك الإتفاق المعروف.

حينها أشارت الأمم المتحدة للإتفاق على أنه مبشر  لانفراجة قريبة في المشهد، ومقدمة لوضع حد للمعاناة، وخطوة في طريق التصالح، وتحول كبير من شأنه المساعدة على إنهاء الحرب كلها في جميع الجبهات، وهذا مالم يحدث سوى في خيالات الأمم المتحدة ومبعوثها.

وقبل يومين ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن بنفسه وأدلى بتصريحات مثيرة حول الوضع اليمني كاشفا فيها عن توجه بلاده واهتمامها وحرصها على إنهاء الصراع في البلاد الذي أوشك أن يدخل عامه السابع.

ولكي لا يبقى الكلام حبرا على ورق وقول بلا عمل، اتخذت إدارته ثلاث قرارات وهي:
1-  تعيين مبعوث أمريكي خاص لليمن.
2-  إيقاف دعم السعودية في عملياتها العسكرية.
3- إلغاء تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.

وقبل الغوص في تلك القرارات، لابد أولا أن نذكر ونتذكر دائما أن الولايات المتحدة لا تهتم بشيء أكثر من اهتمامها بمصالحها ولو كانت هذه المصالح ضد الشعوب ومستقبلها، فالمقولة المشهورة عندهم "ليس لنا صداقات دائمة ولكن لدينا مصالح دائمة" هي المحرك الأساسي لجميع تحركاتهم، وإذا كانت مصلحتهم إشعال الحرب في دولة ما وأدخالها في الفوضى فهو كذلك، وإذا كان الحاكم في مكان ما على غير هواهم فلا حرج عندهم من قتله أو الإنقلاب عليه كما حدث في تشيلي ومصر، ومحاولاتهم في تركيا وفنزويلا مشهورة ومعلومة, وأحيانا تستدعي مصلحتهم غزو البلدان أو محاصرتها كما حدث مع أفغانستان وكوبا، ولا وزن ولا اعتبار حينها لحقوق الإنسان التي يتغنون بها.

ولا يُعرف عن أمريكا حلها لصراع في أي مكان في العالم، فهي ترعى مفاوضات منذ أكثر من ثلاثين عاما بين السلطة الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي بلا أدنى نتيجة, وكانت إحد دول مجموعة "مينسك" لحل النزاع بين أذربيجان وأرمينيا ولم تفعل شيئا لأجل ذلك، ولم تبذل مجهودا يُذكر للتوفيق بين تايوان والصين وباكستان والهند والكوريتين والسعودية وإيران, ولا يختلف الأمر مع النزاعات الدائرة في سوريا والصومال وجنوب السودان، والسبب في ذلك يكشفه هنري كسنجر  وزير الخارجية في عهد الرئيس "نيكسون" حينما قال "نحن لا نسعى لحل المشكلات ولكن نسعى للإمساك بخيوطها" .

وعلى ضوء ذلك نفهم مغزى قرارات الإدارة الأمريكية بخصوص اليمن، فإلغاء تصنيف الحوثيين كمجموعة إرهابية يدل دلالة قاطعة أن أمريكا لا ترى فيهم خطرا عليها ولا مانع أن يستمروا بالحكم لاسيما أنهم يتقاسمون معها العداء "للوهابية" وكلاهما متفق على محاربة "الإرهاب" والأهم أن بقائهم يعد مصدرا للقلاقل في المجتمع اليمني إذ هم في الأخير أقلية تبين لعامة الناس خرافاتها وفسادها وطغيانها.

أما وقف دعم السعودية فيعني أن أمريكا بدأت بالإستفتاء شيئا فشيئا عن التحالف الذي أنشئته هي بعد أن أنجز إلى حد كبير مهمته الحقيقية المتمثلة في تقسيم اليمن وإذكاء الصراعات فيه وإنهاء حلم الدولة الإتحادية القوية، ومن جهة أخرى مقدمة لإضعاف السعودية وتصدير المشاكل إليها، وليس بسبب أنه "يسهم بإطالة الحرب الأهلية" و"تسببت بأزمة إنسانية" كما قال مستشار الأمن القومي، وكذلك يعد شكل من أشكال الإبتزاز التي أجادته جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ولا تستطيع السعودية فعل شىء بعد أن ارتضت لنفسها أن تكون رهينة بيد دولة واحدة في جميع المجالات السياسية والإقتصادية والعسكرية وحتى الإجتماعية.

والقرار الأخير (تعيين المبعوث) يشي بأن الولايات المتحدة تتجه للتدخل بنفسها في المرحلة المقبلة فتصبح بجانب إيران أبرز اللاعبين والمؤثرين في المشهد، ويفرضان معا الحل المناسب لهما بعيدا عن السعودية والسلطة الشرعية، ولا يهمهما أبدا معاناة اليمنيين ومستقبلهم.
إعلان
تابعنا
ملفات