واي إن إن - متابعات
رغم الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، يحرص اليمنيون على إحياء طقوس شهر رمضان الدينية والاجتماعية، مستلهمين ثقافة التوسيع على الأسرة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة. فقد أصبح رمضان في الوعي الجمعي موسمًا للإنفاق والكرم، حتى في ظل تراجع القدرة الشرائية. وفي إطار هذه الخصوصية، تتوقف الجامعات والمدارس خلال الشهر الفضيل، ويمنح المجتمع اهتمامًا خاصًا لهذه المناسبة، حيث يمتزج الديني بالاجتماعي في ممارسات الحياة اليومية. ويشير أستاذ علم الاجتماع السياسي بمركز الدراسات والبحوث اليمني في صنعاء، عبدالكريم غانم، إلى أن "رمضان في اليمن يتخذ بعدًا اجتماعيًا إلى جانب كونه مناسبة دينية، حيث يُنظر إلى الصيام كطقس جماعي، ويشارك فيه حتى الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم السابعة، في ظل ضغوط اجتماعية تحثّ على الالتزام بهذه الفريضة". ويضيف غانم أن رمضان يُشكل فرصة لكسر الروتين اليومي، إذ تتغير أنماط الغذاء والحياة، حيث تسعى الأسر إلى توفير مختلف أصناف الطعام، حتى وإن كانت تعاني من ضائقة مالية. كما يشهد الشهر زيادة في الاستهلاك الكهربائي لمتابعة البرامج التلفزيونية وتبادل الزيارات، التي باتت جزءًا من الطقوس الرمضانية. ومع ذلك، أثرت الحرب على هذه الطقوس، إذ تراجع دور الأثرياء في توزيع الزكاة بشكل مباشر، بعد فرض سلطات الأمر الواقع في صنعاء تسليمها عبر الأجهزة الرسمية، كما تغيرت بعض الطقوس الدينية نتيجة الانقسام السياسي، مما أدى إلى اختلاف مواعيد استقبال رمضان وعيد الفطر بين شمال اليمن وجنوبه. ومن الطقوس الرمضانية التي تأثرت بالحرب، تراجع صلاة التراويح في بعض المناطق، واندثار تقاليد دينية واجتماعية أخرى كانت سائدة، مثل احتفالات الموالد التي كانت تنظمها الطرق الصوفية. ورغم هذه التحديات، لا يزال اليمنيون مصممين على الاحتفاء برمضان، من خلال عودة المغتربين إلى ذويهم، وتوزيع التمور على المحتاجين، وتقديم المساعدات الغذائية من قبل الميسورين، مما يخلق حالة من الانتعاش النسبي في الأسواق. لكن، وفقًا لغانم، فإن التحسن المؤقت في مستوى المعيشة خلال رمضان لا يعود غالبًا إلى دخل الأسر، بل إلى المساعدات الخارجية والتضامن المجتمعي، مما قد يكرس شعور الإحباط لدى الأجيال القادمة. فالطفل الذي يرى والده عاجزًا عن توفير احتياجات رمضان دون اللجوء للاستدانة، قد ينظر إلى هذه الطقوس كعبء بدلًا من كونها مصدرًا للفرح. وبينما تظل المناسبات الدينية فرصة لإدخال البهجة رغم المعاناة، يبقى التساؤل مطروحًا حول انعكاس هذه التحولات على وجدان المجتمع اليمني في المستقبل.
د.حسن نافعة
مصطفى البرغوثي
بشرى المقطري
طارق محمود
مصطفى ناجي