لهذا السبب طرحت الجزائر موقفها الممتعض بشأن القمة العربية الطارئة في مصر

04-03-2025 12:27:24    مشاهدات54

واي إن إن - متابعات

يخيم الموقف الجزائري على جزء من النقاشات الهامشية التي تسبق القمة العربية الطارئة التي تنطلق اليوم في القاهرة، بعد كشف وكالة الأنباء الجزائرية عن عدم مشاركة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فيها، وتعبير الجزائر عن استيائها ورفضها محاولات دول عربية بعينها الهيمنة على مخرجات القمة وحصر العمل العربي المشترك داخل مربع ضيق. ويشير الموقف الجزائري بشكل خاص إلى السعودية ومصر، ويتوقع أن يعيد وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، الذي يمثل الجزائر في القمة، التذكير خلال الاجتماع الوزاري وفي اجتماع القمة، برفض الجزائر للطريقة التي يدار بها العمل العربي المشترك، خاصة إزاء قضايا مركزية كالقضية الفلسطينية.
وأكدت مصادر دبلوماسية في الجامعة العربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك امتعاضاً شديداً في القاهرة إزاء ما صدر في الجزائر أمس، وقلق مصري وانزعاج كبير من ذلك، وهذا واضح في الاتصالات والنقاشات التي تتم في الكواليس، لكونه جاء عشية القمة وقد يشجع عدداً من الدول العربية الأخرى على تبني نفس وجهة النظر الجزائرية"، مضيفة أن "الموقف الجزائري بشأن طبيعة المشاركة في القمة على مستوى الرئيس كانت إيجابية في البداية عند الإعلان عن الدعوة إلى القمة".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "لقاء الرياض واستبعاد الجزائر منه، ربما أثار حفيظة الجزائر ودفع إلى تغيير الموقف"، معتبرة أن "الموقف الجزائري مبرر سياسياً بالنظر إلى أهمية دولة مثل الجزائر وخاصة موقعها الحالي في مجلس الأمن، لكنه قد يقرأ في القاهرة والرياض على أنه إحراج سياسي للقمة وترتيباتها".
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت، عبر مصدر مطلع، تحدث إلى وكالة الأنباء الرسمية، أن الرئيس عبد المجيد تبون "قرر عدم المشاركة شخصياً في أشغال القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر، على خلفية الاختلالات والنقائص التي شابت المسار التحضيري لهذه القمة حيث احتُكر هذا المسار من قبل مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة المرتقبة بالقاهرة دون أدنى تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية".
وأكد المصدر ذاته أن تبون "حزت في نفسه طريقة العمل هذه التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى، وكأن نصرة القضية الفلسطينية أصبحت اليوم حكراً على البعض دون سواهم". وتعد هذه القمة الرابعة التي يتغيب عنها الرئيس عبد المجيد تبون، والذي لم يشارك في قمة الرياض عام 2023 وفي قمة البحرين عام 2024، كما لم يشارك في القمتين الطارئتين العربية والإسلامية اللتين عقدتا على التوالي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 ثم نوفمبر 2024 في الرياض، لبحث تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتبرز في السياق مخاوف من إمكانية أن يثير الموقف الجزائري أزمة في العلاقات، خاصة مع القاهرة والرياض، باعتبارهما الطرفين المعنيين بشكل مباشر بالموقف الجزائري، لكن عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري عبد السلام باشاغا اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "أي رد فعل من دول عربية بعينها اتجاه الموقف الجزائري لن يكون مبرراً". وقال "بغض النظر عما قد يترتب على هذا الموقف في العلاقات الجزائرية مع أطراف عربية يمكن أن تكون معنية ببيان وكالة الأنباء، فإن الجزائر احتراماً لثقلها وموقعها الحالي في مجلس الأمن لم يكن ممكناً أن تسمح بأن تكون عبارة عن تابع في قضية مصيرية على غرار القضية الفلسطينية التي تعتبرها مركزية وفي هذا الظرف الدقيق التي تمر به بالأساس".

وأضاف باشاغا "العتب يقع على من استفرد بالقرار العربي وليس العكس، والطبيعي هو أن تعاد صياغة الرأي العربي، خاصة في ما تعلق بالقضية الفلسطينية من منظور جماعي ورؤية عربية واحدة متوافقة، وليس إملاءات جاهزة تعتمدها دول أعطت لنفسها الحق في الاستفراد بالقرار العربي بحكم جغرافيتها، على الرغم مما جناه ذلك على القضية الفلسطينية والمنظومة العربية عموماً"، على حد تعبيره.
توضيحات من الرياض
وكان لافتاً أن إعلان الاستياء الجزائري الرسمي سبقته مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف ونظيره السعودي فيصل بن فرحان، وهو ما يعتبره رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة محمد عمرون بأنه "قد يُفسر على أنه محاولة من الرياض تقديم توضيحات بشأن تحفظات جزائرية ربما كانت قد نقلت عبر القنوات الدبلوماسية، غير أنه يبدو أن الجزائر لم تقتنع بذلك". وقال عمرون لـ"العربي الجديد" إن "الموقف الجزائري قد يكون استباقياً وله صلة بالمخرجات التي جرى ترتيبها في الاجتماع الذي وصف بأنه غير رسمي قبل القمة، ومثل هذا النهج رفضته الجزائر، هذه القمة عربية، والقمم لها ترتيبات محددة لمسار إعداد الوثائق والمخرجات".
وتابع "انزعاج الجزائر له ما يبرره على المستوى التنظيمي والسياسي، فمنذ يناير/ كانون الثاني 2024 وضعت الجزائر القضية الفلسطينية كملف رئيسي في جهدها الدبلوماسي، وبالتالي كان يفترض أن تكون على صلة بما يحضر بشأن إعادة إعمار غزة، من أجل تبنيها والدفاع عنها في مجلس الأمن". واعتبر أن "كل ما في الأمر أن الجزائر تحدثت بصوت مرتفع وبشكل صريح مع الأشقاء العرب ضد أي إقصاء أو استفراد". وتوقع أن يظل تأثر علاقات الجزائر مع دول عربية محددة "مرتبطاً أساساً بكيفية تلقي هذه الدول للرسالة الجزائرية، إذا جرى تلقيها من باب حرص الجزائر على وحدة الصف العربي، ولأن تكون المبادرة العربية أكثر فعالية وقابلية للتطبيق فسيكون تلقياً إيجابياً، أما إذا تلقاها أي طرف عربي بمنطق أن الجزائر تريد خلط الأوراق قبل القمة أو أن الوقت لم يكن مناسباً لذلك، فدون شك ستكون للأمر تأثيرات".

إعلان
تابعنا
ملفات