واي إن إن - متابعات
أحرزت أميركا والصين تقدماً كبيراً في اتجاه تهدئة الحرب التجارية بينهما، بعد يومين من المحادثات التجارية الأميركية الصينية في جنيف. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، اليوم الأحد، في تصريح مقتضب لصحافيين: "أحرزنا تقدماً جوهرياً"، في حين أكد الممثل التجاري الأميركي جاميسون غرير، أن سرعة التوصل إلى اتفاق، "تعكس أن الخلافات ربما لم تكن كبيرة كما كان يُعتقد". ولم يُجب بيسنت ولا غرير عن أي سؤال، وأكدا أنهما سيقدمان مزيداً من التفاصيل يوم الاثنين. جاءت التصريحات الرسمية الأميركية بعد ساعات من الاجتماعات بين بيسنت، وغرير، ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، في مقر إقامة السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في جنيف على ضفاف بحيرة ليمان، حيث التقى فريقا البلدين. ومن جانبه، رحّب نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، اليوم الأحد، بما اعتبره "تقدماً كبيراً" في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، وقال في تصريح لصحافيين بجنيف، إنّ المحادثات مع وزير الخزانة الأميركي والممثل التجاري كانت "صريحة ومعمّقة وجوهرية"، مستخدماً عبارات مماثلة لتلك التي استخدمها الوفد الأميركي في وقت سابق الأحد. وكشف نائب رئيس الوزراء الصيني، أن المحادثات التجارية في جنيف أفضت إلى اتفاق على "إنشاء آلية تشاور". وأوضح الممثل التجاري للصين لي تشينغانغ أن الآلية ستتيح التواصل في ما يتصل بالتجارة والمسائل التجارية. ومن المقرر أن تصدر أميركا والصين، الاثنين، بياناً مشتركاً بشأن المحادثات التجارية. ما وراء موقف واشنطن؟ بلغت التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم ذروتها بعد أن زاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 145%. وجاءت هذه الرسوم بهدف معالجة دور الصين في تجارة الفنتانيل، وفائضها التجاري الضخم مع الولايات المتحدة، والرد على الإجراءات الانتقامية التي فرضتها بكين بعد الخطوة الأولى لترامب. وفي المقابل، رفعت الصين رسومها الجمركية على السلع الأميركية إلى 125%. وأدى هذا التصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية إلى مواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث لم يرغب أي من الجانبين في التراجع، ولم تكن هناك أي بوادر لحل قريب. وفي نهاية المطاف، اعترف الجانبان بأن تخفيف التوترات وخفض الرسوم الجمركية أمر ضروري، وتم الإعلان عن إجراء محادثات علنية. ويُعتقد أن مخاوف نقص السلع في الأسواق الأميركية قد ساهمت في تعزيز ضرورة هذه الاجتماعات، بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية. وتلقى ترامب وفريقه الاقتصادي مناشدات من كبار مسؤولي الشركات الأميركية، الذين أوضحوا في اجتماعات مع كبار المسؤولين أن استمرار الرسوم المرتفعة سيؤدي إلى نقص في السلع يعادل مستوى الأزمة أثناء جائحة كورونا، وحدوث صدمات في سلاسل التوريد. ومن جانبه، سعى الرئيس الصيني شي جين بينغ لتعزيز اقتصاد بلاده قبل المحادثات، لكن البيانات أظهرت علامات على الضعف. تقدم كبير في المحادثات التجارية الأميركية الصينية ودخل أفراد الفريق الأميركي اليوم الأول من المحادثات مقيدين بتصريحات رئيسهم. فقد كتب ترامب على منصة تروث سوشال قبل بدء الاجتماعات: "يبدو أن التعرفة الجمركية بنسبة 80% على الصين مناسبة"، مضيفاً أن القرار متروك لوزير الخزانة بيسنت، دون الخوض في تفاصيل. وبعد انتهاء اليوم الأول من الاجتماعات، أمس السبت، وصف ترامب المحادثات بأنها "جيدة جداً"، واعتبرها "إعادة ضبط كاملة جرى التفاوض عليها بطريقة ودية لكن بناءة". وأوضح في منشور آخر على "تروث سوشال" مساء السبت: "نريد أن نرى انفتاح الصين على الأعمال التجارية الأميركية، لصالح كل من الصين والولايات المتحدة"، مضيفاً: "تم إحراز تقدم كبير". وأكد ترامب للصحافيين، أول أمس الجمعة، أنه قد يتحدث إلى نظيره الصيني بعد اجتماعات سويسرا، اعتماداً على نصيحة بيسنت. يذكر أن الولايات المتحدة والصين لديهما بالفعل اتفاق تجاري تم توقيعه في نهاية الولاية الأولى لترامب في يناير/ كانون الثاني 2020. ووصف الرئيس الأميركي في ذلك الوقت الاتفاق بأنه "تاريخي"، وقال إنه "يصوب أخطاء الماضي". وكجزء من ذلك الاتفاق، التزمت بكين بشراء أكثر من 200 مليار دولار من السلع والخدمات الأميركية الإضافية وفتح سوقها أمام قطاعي الزراعة والخدمات المالية الأميركية. وكرر ترامب انتقاداته لإدارة جو بايدن لعدم فرضها تنفيذ الاتفاق بعد أن فشلت الصين في الوفاء بوعودها. "الطرفان خاسران" وقال الخبير الاقتصادي في "سيتي غروب ناثان شيتس"، لوكالة فرانس برس: "تعكس هذه المفاوضات حقيقة أن وضع العلاقات التجارية، مع هذه الرسوم الجمركية المفروضة، ليست في صالح الولايات المتحدة، ولا في صالح الصين". واعتبر شيتس أن "فرض مثل هذه التعرفات الجمركية طرحٌ خاسر للطرفين". بدوره رأى غاري هوفباور من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أنّ مجرد عقد المباحثات "يعد خبراً جيداً للتجارة والأسواق المالية"، لكنه أعرب مع ذلك عن "شكوكه الكبيرة بشأن عودة العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى وضعها الطبيعي". وأكد أن "الرسوم الجمركية البالغة 145% باهظة جداً"، مضيفاً أنه حتى لو تم خفضها إلى 70 أو 80% بحسب ما يُطرح حالياً، فإن مستوى المعاملات بين البلدين سينخفض إلى النصف. ودخلت الصين المباحثات مدفوعة بإعلانها الجمعة ارتفاع صادراتها بنسبة 8,1% في إبريل/ نيسان، أي أعلى بأربع مرات مما توقعه المحللون، بينما تراجعت صادراتها إلى الولايات المتحدة بحوالى 18%. تفاؤل حذر ويأمل المستثمرون أن تؤدي المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى تهدئة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم وتُبدد بعضاً من حالة عدم اليقين التي تُخيم على الأسواق المالية. لكن كثيرين لا يتوقعون تحقيق انفراجة كبيرة. وقال أليغو تشيرونكو كبير مسؤولي الاستثمار لدى بنك "يو بي إس": "هذه هي أم كل المفاوضات"، وفقاً لـ"رويترز". وأضاف: "هناك تجارة بمئات المليارات من الدولارات على المحك، ورسوم جمركية بنسبة 145% على الصادرات الصينية تُعتبر بمثابة حظر فعلي، وشكاوى تتجاوز التجارة بكثير". وعبر المستثمرون في الآونة الأخيرة عن تفاؤلهم بأن أسوأ السيناريوهات التجارية لن تتحقق، وأشاروا إلى أن بوادر التهدئة بين الولايات المتحدة والصين أدت إلى انتعاش الأسهم. لكن على الرغم من أن تصريحات ترامب قبل المحادثات التجارية أشارت إلى خفض مستوى الرسوم الجمركية الصينية، والإعلان يوم الخميس عن اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا، قال العديد من المستثمرين إنهم لا يتوقعون تحقيق تقدم كبير هذا الأسبوع. وقال تييري ويزمان الخبير الاستراتيجي العالمي في سوق الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة في ماكواري، في مذكرة للعملاء: "ما زلنا نعتقد أن المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة والصين لن تؤدي إلى "تسوية شاملة".
كمال أوزتورك
د.محمد موسى العامري
د.حسن نافعة
مصطفى ناجي
عريب الزنتاوي