المبعوث الأممي : وقف الأعمال العدائية بين واشنطن والحوثيين فرصة يجب استغلالها لحل الصراع في اليمن

14-05-2025 09:13:08    مشاهدات30

واي إن إن - متابعات

قال المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الأربعاء، إن إعلان وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثيين في السادس من مايو الجاري يمثل "فرصة مرحّب بها" يجب البناء عليها بشكل جماعي لإعادة تركيز الجهود نحو تسوية سياسية حقيقية تنهي الصراع المستمر في اليمن، مشيداً بدور سلطنة عمان في التوسط لتحقيق هذا الاتفاق.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في اليمن، أكد غروندبرغ أن التحديات في البلاد لا تزال "هائلة"، في ظل انعدام الثقة العميق بين الأطراف، وتواصل تقارير عن استعداد بعض القوى للعودة إلى المواجهات العسكرية، إلى جانب ما وصفه بـ"الانهيار الاقتصادي الوشيك".
وأضاف أن "اليمنيين يتطلعون إلى المضي قُدماً"، لكن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، مشدداً على أن ما يجري في البلاد "ليس سلاماً حقيقياً"، رغم استقرار الخطوط الأمامية نسبياً.
وأكد التزام الأمم المتحدة بتقديم بديل عملي يمنع التصعيد العسكري والاقتصادي، ويمنع احتمالية العودة إلى الحرب، مؤكدا مواصلة العمل على جمع الأطراف على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حلول مقبولة للجميع ومتفق عليها.
ودعا المبعوث الأممي إلى مواصلة الدعم الدولي لليمن، مؤكداً أن "سلاماً وأمناً حقيقيين لا يمكن تحقيقهما دون التزام وتنسيق دوليين ونهج مشترك وطويل الأمد". كما حث الأطراف اليمنية على "التحلي بالشجاعة واختيار طريق الحوار"، مؤكداً أن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم جهودهم للتوصل إلى تسوية تفاوضية شاملة.
وأشار إلى أنه أجرى مشاورات مع الأطراف اليمنية والمجتمع الدبلوماسي في الرياض ومسقط، لنقل هذه الرسالة، مؤكداً أن اليمن بحاجة إلى دعم جيرانه وشركائه الدوليين لإنجاح أي عملية سياسية يقودها اليمنيون أنفسهم.
وفي سياق حديثه، تناول غروندبرغ قضية الاحتجاز التعسفي لموظفي الأمم المتحدة والعاملين في منظمات دولية ومحلية من قبل الحوثيين، مؤكداً أن هذا السلوك يمثل "انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي" ويقوض ثقة المجتمع الدولي ويؤثر سلباً على إيصال الدعم للفئات اليمنية الأكثر ضعفاً.
ورغم ترحيبه بالإفراج عن عدد من موظفي السفارة الهولندية والمنظمات الدولية مؤخراً، قال غروندبرغ إن هذه الخطوة غير كافية، مضيفاً: "أوجّه رسالة واضحة للحوثيين: غيّروا هذا النهج. أفرجوا فوراً ودون شروط عن جميع المحتجزين. ضعوا حداً لهذا الوضع غير المقبول".


نص إحاطة المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كما نشرها مكتبه على موقعه الرسمي:

السيد الرئيس، شهدت الأوضاع في اليمن والمنطقة تطورات متسارعة منذ إحاطتي السابقة لهذا المجلس. اسمحوا لي بدايةً بالترحيب بالإعلان الصادر في 6 مايو عن وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وأنصار الله.

تعد هذه الخطوة تخفيفاً مهماً وضرورياً للتصعيد في البحر الأحمر واليمن عقب استئناف الضربات الجوية الأمريكية في 15 من مارس ضد أهداف في مناطق خاضعة تحت سيطرة أنصار الله. أود أن أعبر عن خالص امتناني لسلطنة عمان على جهودها في التوصل إلى هذا الاتفاق. كما أكدت مراراً وتكراراً، بات من الجلي أن التهدئة في البحر الأحمر والمنطقة بشكل عام أمر لا غنى عنه لإعادة اليمن إلى مسار السلام.

ومع ذلك، فقد كشفت أحداث الأسابيع الأخيرة بوضوح أن اليمن لا يزال عالقاً في دوامة التوترات الإقليمية الأوسع. فالهجوم الذي شنته أنصار الله على مطار بن غوريون في 4 مايو، وما تلاه من رد إسرائيل بضربات على ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومواقع أخرى، يمثل تصعيداً خطيراً. وللأسف، تستمر التهديدات والهجمات. أجدد دعوتي لجميع الأطراف للوفاء بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.

رغم ذلك، فإن الإعلان الصادر في 6 مايو يشكل فرصة مرحب بها ينبغي البناء عليها بشكل جماعي لإعادة تركيز الجهود نحو حل للنزاع في اليمن وتعزيز عملية سلام يقودها اليمنيون. ان التحديات التي تواجه اليمن هائلة: من حالة عدم الثقة العميقة بين الأطراف، حيث لا يزال البعض يُعد للحرب، وفقاً للتقارير، إلى الانهيار الاقتصادي الوشيك.

وفي دلالة واضحة على عمق الأزمة الاقتصادية التي يمر بها اليمن، شهدت العملة تدهوراً متواصلاً خلال الشهر الماضي، حيث تجاوز سعر الصرف 2,500 للريال اليمني مقابل الدولار، ويواجه المواطنون تدهوراً مستمراً في خدمات الكهرباء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث تفيد التقارير الأخيرة إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 15 ساعة يومياً في عدن، وانقطاع كامل دام لأكثر من أسبوعين في محافظتي لحج وأبين المجاورتين.

يوم السبت، خرجت النساء إلى الشوارع في عدن للاحتجاج والمطالبة بتحسين الخدمات العامة وحقوقهن الأساسية. في المقابل يعاني السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله أيضاً تدهوراً في القدرة الشرائية، حيث لم تُصرف رواتب موظفي الخدمة المدنية بشكل كامل منذ سنوات، وتدهورت جودة أوراق العملة، وازداد شح السيولة النقدية.

ومع تفاقم عدم قدرة المواطنين على شراء أبسط السلع الأساسية، تتعرض أصوات المجتمع المدني هناك للقمع. في هذا الصدد، أرحب بإحاطة السيدة المأمون من مركز المدنيين في الصراع.

السيد الرئيس، يُبرز التدهور الاقتصادي العام في كافة أنحاء اليمن مدى الحاجة الملحة لمسار سياسي يسمح بالتعاون اللازم للنمو الاقتصادي. أستمر في العمل بشكل مكثف مع الأطراف اليمنية والشركاء الإقليميين لإيجاد حلول للتحديات الاقتصادية واستئناف الحوار لتحقيق هذا الهدف.

السيد الرئيس، لقد كنت واضحاً وثابتاً في نهجي منذ البداية وسأظل كذلك. تلتزم الأمم المتحدة بتقديم بديل عملي يمنع التصعيد العسكري والاقتصادي، ويمنع احتمالية العودة إلى الحرب، وسنواصل العمل على جمع الأطراف على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حلول مقبولة للجميع ومتفق عليها. قد يبدو للبعض، السيد الرئيس، أنه وسط هذا الكم من الاضطرابات وفقدان الثقة، أن العملية السياسية هدف غير واقعي وساذج.

أنا هنا لأوضح أن هذا التصور غير صحيح. فالواقع هو أن الأطراف قد التزمت بالفعل بالأسس التي ينبغي أن تشكل نقطة بداية لعملية سياسية في اليمن: وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، واتخاذ تدابير لمعالجة القضايا الاقتصادية والإنسانية العاجلة، وعملية سياسية جامعة. يتعين الوفاء بهذه التزامات لتحقيق سلام مستدام - وسيظل هذا الأمر قائماً الآن وفي المستقبل. يمكن لليمنيين جميعاً أن يطمئنوا: ستبقى الأمم المتحدة ملتزمة ومستعدة في دعمها لحل تفاوضي ينهي النزاع ويحقق سلاماً عادلاً وشاملاً ومستداماً.

ومع ذلك، أقر بأن المواقف تزداد تصلباً بمرور الوقت، وتصبح التحديات أكثر تعقيداً. قد يتساءل البعض عما إذا كانت خارطة الطريق لا تزال سارية. إجابتي تظل ثابتة تماماً: يبقى اليمن بحاجة إلى عناصر خارطة الطريق - من وقف إطلاق للنار، والتعافي الاقتصادي، وعملية سياسية جامعة للمضي قدماً. لكنني أعي تماماً أن بيئة الوساطة قد شهدت تغيرات كبيرة منذ أواخر عام 2023، وأن هناك حاجة لضمانات إضافية تمكن الأطراف من المشاركة وتضمن دعم المنطقة، والمجتمع الدولي، وهذا المجلس.

السيد الرئيس، يتطلع اليمنيون للمضي قدماً، فالوضع الحالي لا يٌحتمل. ورغم أن خطوط الجبهة تبدو في الوقت الراهن مستقرة نسبياً، إلا أن ما يعيشه اليمن حالياً لا يمكن اعتباره سلاماً حقيقياً. من الضروري استمرار انخراط المجتمع الدولي لدعم اليمنيين في تحقيق تطلعاتهم نحو بناء وطن مستقر، مزدهر وآمن. كما أن دعم جيران اليمن والشركاء الدوليين يعد ضرورياً لضمان عملية سياسية جامعة يقودها اليمنيون. ومنذ إحاطتي الأخيرة، عقدت اجتماعات مع الأطراف والسلك الدبلوماسي في الرياض ومسقط، مؤكداً على هذه الرسالة.

السيد الرئيس، ومع اقترابي من اختتام كلمتي، أود أن اطرح مجدداً قضية الاحتجاز التعسفي وغير القانوني والمطول من قبل أنصار الله لموظفي الأمم المتحدة، إلى جانب موظفي المنظمات الدولية والوطنية، والمجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية. إن احتجازهم لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي فحسب، بل تسبب في إثارة مخاوف جدية على مستوى المجتمع الدولي، والذي لا يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى نتيجة واحدة وهي تقويض الدعم المقدم لليمن، والذي سيؤثر للأسف على الفئات الأكثر احتياجاً من اليمنيين.

أرحب بالإفراج الأخير عن موظفين من السفارة الهولندية والمنظمات الدولية، مما يثبت أن ذلك ممكن بالفعل، لكن هذه الإفراجات تظل غير كافية على الإطلاق آمل أن يسمع أنصار الله ما أقوله بوضوح: غيروا النهج وأطلقوا سراح المحتجزين المتبقين فوراً ودون شروط، وضعوا حداً لهذا الوضع غير المقبول.

السيد الرئيس، لقد عانى اليمنيون لأكثر من عشر سنوات من عدم الاستقرار والاضطرابات والانهيار الاقتصادي. أتوجه إليهم بشكل مباشر لأؤكد ما قلته من قبل: أعلم حجم معاناتكم، وأسمع ندائكم، ولن نتجاهلكم - سأبقى ملتزماً ببذل كل جهد لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن. إلى الأطراف، أحثكم على التحلي بالشجاعة واختيار الحوار ستظل الأمم المتحدة ملتزمة في دعمكم لإيجاد تسوية تفاوضية لهذا النزاع. وأخيراً، إلى الحاضرين هنا اليوم في هذه القاعة لقد أوكلت العضوية العالمية للأمم المتحدة إلى هذا المجلس المسؤولية الأساسية عن صون السلام والأمن.

وينطبق ذلك بشكل خاص على اليمن. لا يمكن تحقيق السلام والأمن الحقيقيين في اليمن إلا من خلال الالتزام الدولي والتنسيق ونهج مشترك وطويل الأمد. لذلك، يجب علينا مضاعفة جهودنا لتقديم بديل موثوق للحرب ورؤية لليمن تتجاوز الوضع الراهن والركود. إنني ممتنّ لوحدتكم ودعمكم المستمرّين لجهودي الرامية إلى تحقيق يمن ينعم بالسلام والاستقرار والازدهار.

شكراً لك السيد الرئيس.

إعلان
تابعنا
ملفات